لم يأت جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي للدولة وهي أول زيارة لأعلى مسؤول أمريكي منذ عام 2008 بعد زيارة جورج بوش للتجول في الجامع الكبير (مسجد الشيخ زايد) ولا لتفقد مدينة "مصدر" التي وصفتها الغارديان في تقرير الشهر الماضي بأنها تحولت لمدينة أشباح نظرا لفشل استكمال المشروع وتوقفه. فلماذا جاء "بايدن"، وهل طلب من الدولة أن تحارب في كل مكان، أم أنه ينقل استعداد أبوظبي لهذه الحرب المفتوحة جغرافيا على دول عربية، وديمغرافيا على القوات المسلحة الإماراتية التي زادت مدة التجنيد الإجباري لعام كامل في ذات اليوم الذي أعلن فيه "بايدن" جملته التي ستغدو مفتاحا لكثير من التطورات المستقبلية "في أي مكان"؟
حرب على الإرهاب وحوار مع إيران
تواصل واشنطن تجاهل المصالح الإماراتية والخليجية في مواجهة الخطر الإيراني، وتركز فقط على محاربة الإرهاب، وتدفع معها الدول الخليجية إلى أولوياتها وأجنداتها وتتنصل من الوقوف مع دول الخليج في قضاياهم وأولوياتهم.
فقد استهل "بايدن" زياته للدولة، بالقول لصحيفة "الاتحاد" المحلية، إنه سيناقش مع المسؤولين في الدولة "علاقتنا الإستراتيجية والدور الهام الذي تلعبه الإمارات في بسط الأمن والاستقرار في كل المنطقة".
وأضاف: "معاً سنحارب داعش والقاعدة في أي مكان، ومن خلال مجلس التعاون الخليجي، نسعى لتعزيز مجهوداتنا لننسق رؤية إقليمية متحدة لمجابهة التحديات الماثلة في سوريا، والعراق، واليمن وليبيا، ومعاً سنعمل على إجهاض المؤامرات الإرهابية، والتصدي للأفكار الهدّامة".
وشدد بايدن قبل أن ينتقل للحديث عن إيران، قائلا "أعتقد أن أفضل طريقة للمضي قدماً لمعالجة العديد من الصراعات في المنطقة هو من خلال الحوار فقط". ثم استعرض الضيف الأمريكي ما يحب أن تسمعه دول الخليج عن تهديدات إيران وعبثها في المنطقة، قبل أن يخلص إلى أهمية الاتفاق النووي في وضع حد لهذه التهديدات، بحسب المزاعم الأمريكية والترويج الأمريكي للاتفاق.
لقاء بايدن ومحمد بن زايد
في المقابل، قال محمد بن زايد لدى اجتماعه مع "بايدن" حسب ما نشر الإعلام المحلي، حول التعاون والتشاور مع الحلفاء والأصدقاء، "من أجل تعزيز أركان الاستقرار الإقليمي، وبناء مواقف واستراتيجيات فاعلة للتعامل مع الأزمات في سوريا وليبيا واليمن، إضافة إلى الحرب ضد الإرهاب".
وأضاف، علاقاتنا مع واشنطن "علاقات استراتيجيَّة قائمة على أسس متينة من التفاهم والتعاون والمصالح المشتركة على المستويات كافةً"، فيما أكد الجانبان، مواصلة تعاون البلدين في "محاربة الإرهاب".
الدور الإقليمي إلى الدولي
منذ عاصفة الحزم وتبشر أبوظبي بلعبها دورا إقليميا حول مشكلات المنطقة يعتمد على الأمن والقوة العسكرية لإعادة الأوضاع في المنطقة إلى "طبيعتها في أعقاب الربيع العربي" كونها تحمل الثورات العربية الفوضى المدمرة التي حلت بالمنطقة، في حين تتجاهل أنها كانت تقف خلف الثورات المضادة. وقد أكد المنصف المرزوقي الرئيس التونسي السابق هذه الاتهامات أواخر العام الماضي عندما قال إن الإمارات مولت الثورات المضادة التي خططت إسرائيل لها، على حد قوله.
وأبوظبي تتهيأ بالفعل للحرب في أي مكان، وهذا استعداد إماراتي مبكر منذ نوفمبر الماضي عندما قال وزير الشؤون الخارجية أنور قرقاش، إن أبوظبي مستعدة لمحاربة الإرهاب بريا في أي مكان.
ويرى متابعون، أن الإعلان عن زيادة مدة التجنيد الإجباري مرتبطة بمشاريع أمنية وعسكرية جديدة قادمة ستشارك فيها الدولة بقواتنا المسلحة وأبنائنا في أراض الغير ومعارك الغير وتضحيات من أجل الغير وفي مواجهة خطر وتهديد غير وشيك، تاركة خلفها التهديد الإيراني واحتلال الجزر.
فالحرب والقتال و"أي مكان" هي لمحاربة الإرهاب، وأي مكان سيتثني أقدس الأماكن الوطنية، الجزر المحتلة، مع إنه لا أحد يدعو لحرب لا مع إيران ولا مع غيرها، ولكن السياسة الإماراتية تفرض طرح الموضوعات بهذه الطريقة. أما الحوار والتفاهم فهو مع إسرائيل وإيران، كما يريد "بايدن" ويوجه.