فضيلة المعيني
لو تم التعامل مع كل قضية فساد مالي أو إداري يقوم بها موظف كبير أو صغير، كما حدث مع موظفة في إحدى الهيئات في أبوظبي، لما تجرأ آخرون ممن تسول لهم أنفسهم التعدي والتجني على المال العام واختلاس، بل وسرقة، وأحياناً المساهمة في هدر ملايين الدراهم نتيجة إهمال وقصور في الأداء الوظيفي، عاملين بالمثل "مال عمك ما يهمك".
لا نتساءل عما يجعل موظفاً أو موظفة يخون الأمانة ويضر بمصلحة مؤسسة تؤمن له ولعياله؛ لا نقول لقمة العيش فحسب، بل العيش الكريم بمعناه الملموس، فهو يسكن أفخم الفلل ويركب أرقى السيارات، ويحيا هانئاً مرتاحاً، يعمل في وظيفة مرموقة تكفل له مكانة اجتماعية متميزة، ويؤتمن على المصالح والملايين، ثم "تزغلل" عيناه أمام الملايين، فيخون ويزوّر ويفعل ما يندى له الجبين، ويدخل الملايين لرصيده دون وازع من ضمير أو دين، أو رادع أخلاقي يمنعه من إتيان هذا الفعل.
لكن حالة الموظفة - ويزعجنا كثيراً أن تكون مواطنة - المتهمة بالإضرار بالمال العام والحصول على عمولات والتزوير في محرر رسمي، والتي قال القضاء في فعلتها قوله الحق وحكم بحبسها 3 سنوات وتغريمها نحو 600 ألف درهم، تضعنا أمام تساؤلات عدة هي أقرب ما تكون إلى حديث النفس، يفصح به الموقف حول نفوس ضعفت وعيون لا يملؤها سوى التراب.
حالة - نقولها بكل أسف - تتكرر في مؤسسات ووزارات عدةبشكل أو بآخر، قد تختلف في أشكالها لكنها تتفق في نتيجتها وهي هدر المال العام، هكذا دون محاسبة أو مساءلة، يخطئ هذا ويهمل ذاك والحصيلة ضياع ملايين دون أن يعاد إلى خزينة الدولة ما أُهدر مهما كان السبب.
المشكلة ليست في عدم بذل جهد لإعادة ما ضاع فحسب، بل التغاضي عما حصل والتستر على المخطئ أو الفاسد الذي يتبجح بدوره، ولا يرف له جفن حياء أو خجل إن لم يكن خوفاً، ولمَ الخوف وليس هناك من يقول له «ثلث الثلاثة كم؟»!
نقول، كيف نأمن على موارد الدولة وإدارة تنمية إيراداتها في الجهة المعنية، ورسوم الدرهم الإلكتروني فيها تهدر بملايين الدراهم، دون أن يعاد درهم إلى خزينة الدولة؟ سؤال نضعه بين يدي السلطات المختصة.