ربما تكون العودة إلى المدارس قد أثارت نوعاً من الارتباك لدى الصغار
من التلاميذ، الذين اعتقدوا أنهم سينتقلون إلى الصف التالي، على اعتبار
أنهم كانوا في إجازة نهاية العام، وليس نهاية الفصل الدراسي الأول، خصوصاً
أننا كأولياء أمور تعاملنا مع الأمر كأنه عودة إلى المدارس من جديد.
مشهد الأطفال، وهم يملؤون الساحات استعداداً لأول يوم دراسي أعادني إلى
الوراء سنوات عديدة، لسعة البرد الصباحية، وقطرات الندى على وريقات
الياسمينة العجوز التي تودعني برائحتها التي تعبق المكان كل صباح في «حوي»
المنزل الكبير.
الحماس الذي كان يشدني مبكراً، شوقاً لأيام
الدراسة مدفوعة برغبة في استخدام أغراضي الجديدة الخاصة بالمدرسة،
والمباهاة بها أمام صديقات الطفولة، ثم ما يلبث ذلك الحماس أن يخبو شيئاً
فشيئاً، بعد أول أسبوع في المدرسة لأجد نفسي بعد أسابيع أتمرد لعدم رغبتي
في الذهاب إلى المدرسة بسبب ذلك العذاب اليومي المتمثل في الاستيقاظ
مبكراً.
فعلاً تمرد الأطفال، لأنهم اعتادوا على الإجازة، غير أنهم
ما إن يدخلوا مرة أخرى في عالم المدرسة حتى ينسوا كل شيء، وينسوا هم
الاستيقاظ اليومي، فيسعدهم الشيء البسيط كطفلي الصغير هذا، حفظه الله، الذي
يبدي سعادة لمجرد أنه يرى ألعابا كثيرة وأطفالاً.
اللعب في مثل هذا
السن المبكر جزء من عملية النمو والتعلم، وتستغرب، فإذا كان اللعب عملية
تعليمية، فلماذا لا يكون الأمر مستمراً، فالبشر مهما كبروا يحتفظون بذلك
الطفل في دواخلهم، لماذا لا يستمر اللعب التعليمي على الأقل في المدرسة،
واللعب الإنتاجي في موقع العمل على سبيل المثال!
لماذا لم نتبه
التربويون إلى مسألة اللعب كوسيلة لتحبيب الطلاب في التعلم! ألا يجوز
الخروج من التقليدية التي جعلت عقول الأبناء رتيبة بعيدة عن الإبداع
والابتكار، لن أنكر أن هناك طلاباً متفوقين نفتخر بهم غير أن عملية حفظ
المنهاج لا تخرج عباقرة وعلماء قادرين على الابتكار والتفكير، بقدر ما تخرج
متفوقين ربما يصابون بصدمة، عندما يواجهون الحياة على حقيقتها، حيث ليس كل
شيء موجوداً في الكتب.
في الإطار ذاته، عندما زرت معرض مهارات
الإمارات تفاجأت بعدد الطلاب المشاركين في المعرض، والذين يعرضون مهاراتهم
في مختلف المجالات، وهو ما يجعلنا نشعر فعلاً بالفخر أولاً بالطلاب
المتميزين والمتفوقين في هذه الجوانب الفنية والتقنية. وثانياً بهذا
المستوى من التعليم الفني الذي يخرج فنيين، وحرفيين، ومهندسين، وعلماء.