سلطت ندوة حقوقية تحت عنوان "سحب الجنسية في الإمارات.. إسكات المجتمع المدني والمعارضين"، الضوء على كيفية استخدام سلطات أبوظبي لإجراءات "سحب الجنسية" كأداة لإسكات المجتمع المدني وعقاب المعارضين السياسيين.
وعقد الندوة مركز مناصرة معتقلي الإمارات بالتعاون مع مجموعة "منا" لحقوق الإنسان ندوة قانونية عبر الإنترنت، بمشاركة المستشارة القانونية في الجمعية الأمريكية للمحامين، ألكسندرا تارزيخان، ومجموعة من الناشطين الحقوقيين الإماراتيين والخبراء القانونيين.
ومن بين المشاركين في الندوة، الكاتب والناشط الحقوقي أحمد النعيمي، وزهرة البارزي، من شبكة عديمي الجنسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (Hawiati)، والناشطة الحقوقية الإماراتية جنان المرزوقي، وإستيل أليمان، زميلة قانونية في مجموعة "منا" لحقوق الإنسان.
"الجنسية حق أساسي"
وخلال الندوة، تحدثت زهرة البارزي عن الحق في الحصول على الجنسية في القانون الدولي، مشيرة إلى أن الجنسية هي حق أساسي من حقوق الإنسان، وأنه لا يجوز للدول حرمان الأشخاص من الجنسية بشكل تعسفي.
وأضافت البارزي، أن الدول لديها سلطة سحب الجنسية وفقاً لقوانينها الوطنية، إلا أن هذه السلطة مقيدة بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ويجب على الدول الالتزام بعدم سحب الجنسية بطرق تعسفية أو بدون مبرر قانوني واضح، ويجب عليها أيضاً توفير إجراءات قانونية عادلة للأشخاص المتأثرين بقرارات سحب الجنسية.
"الإطار القانوني للجنسية"
من جهتها، تناولت إستيل أليمان الإطار القانوني للجنسية في الإمارات، موضحة أن القانون الاتحادي رقم 17 لعام 1972بشأن الجنسية وجوازات السفر الذي خضع لتعديل طفيف في 2021 هو من ينظم الجنسية في الإمارات.
وقالت أليمان إن القانون الإماراتي يقوم بالتفريق بين نوعين من المواطنين في قانون الجنسية، النوع الأول يسميهم القانون المواطنين الأصليين والنوع الثاني هم الذي يحصلون على الجنسية بالقانون ويطلق عليهم لقب المجنسين، مؤكدة أن هذا النوع من التفريق بين المواطنين يعد مخالفاً للقانون الدولي.
وأشارت أليمان إلى أن المادة 16 من هذا القانون، تسمح للسلطات الإماراتية بسحب الجنسية من أي مواطن إماراتي مجنس إذا ثبت تورطه في أعمال تشكل تهديدًا للأمن الوطني أو المصالح العليا للدولة، لافتة إلى أن هذه المادة تسمح أيضاً بسحب الجنسية من زوجة المجنس وأطفاله.
وأبدت أليمان مخاوفها بشأن اتساع نطاق الأنشطة التي يمكن اعتبارها "ضارة بالمصالح الحيوية للدولة"، وأن مفهوم معاقبة أولئك الذين لم يتم حتى اعتبارهم مرتكبين جريمة هو أمر مقلق للغاية، مشيرة إلى أن المادة 16 تنتهك مبدأ اليقين القانوني بسبب صياغتها الغامضة، وقد تم استخدامها سابقاً لسحب الجنسيات من أشخاص لمجرد تعبيرهم عن رأيهم، وهو ما جرى فعلاً في القضية المعروفة باسم "الإماراتيون السبعة" في عام 2011.
"سحب جنسية 30 عائلة إماراتية"
بدورها تحدثت جنان المرزوقي عن تجربة سحب الجنسية من والدها وعائلتها، قائلة إنهم بدأوا في سماع شائعات عن سحب الجنسيات من 30 عائلة إماراتية، معظمهم من عائلات المعتقلين في قضية "الإمارات 94".
وبعدها بفترة بسيطة، تم الاتصال بهم وإخبارهم في 2016 عن طريقة مكالمة هاتفية بسحب الجنسية منهم، مشيرة إلى أن السلطات في أبوظبي لم تمنحهم أي نسخة عن هذا القرار، وهو ما يجعل من الصعب إثبات حالة سحب الجنسية منها أو تقديم اعتراض عليها بسبب عدم وجود وثيقة رسمية.
"آثار سحب الجنسية على العائلات والأفراد"
كما تناول أحمد الشيبة النعيمي، الآثار السلبية المترتبة على حياة العائلات والأفراد الذين تم سحب جنسياتهم في الدولة، مشيراً إلى أن قرار سحب الجنسية في الإمارات يعني تجميد حياة الإنسان بشكل كامل، حيث لا يستطيع الحصول على الرعاية صحية أو التعليم بسبب تجريده من الوثائق الثبوتية.
واستشهد النعيمي بقصة إحدى العائلات الإماراتية التي تم سحب الجنسية منها، كاشفاً أن سلطات أبوظبي رفضت منح طفلها المولود شهادة ميلاد بسبب عدم امتلاك العائلة لأي وثائق ثبوتية نتيجة سحب الجنسية.
كما قال النعيمي بأن السلطات في أبوظبي لم تتجاوز في تصرفاتها الدستور والقانون فقط، بل كانت تتجاوز في بعض الأحيان القيم والمبادئ، حيث طلبت في إحدى الحالات من زوجة أحد المعتقلين برفع قضية طلاق على زوجها من أجل تجديد جواز سفرها.
اقرأ أيضاً