كشف الاحتلال الإسرائيلي اليوم الأحد، النقاب عن مشروع استيطاني كبير وخطير، تبادر فيه سلطات الاحتلال لبناء 4500 شقة سكنية داخل المستوطنات في الضفة الغريبة المحتلة، وذلك بعد وضع صلاحيات المصادقة على البناء الاستيطاني بيد وزير المالية والوزير الإضافي في وزارة الأمن المستوطن باتسلئيل سموتريتش.
وتأتي الموافقة بالتزامن مع زيارة مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط بربارة ليف للمنطقة.
وقد كُشف عن أجندة عمل ما يعرف بمجلس التخطيط والبناء الأعلى في "إسرائيل"، وتتضمن خطة بناء استيطاني جديدة تشمل تسمين المستوطنات داخل الضفة الغربية بآلاف الشقق، وفقا لصحيفة "القدس العربي".
وقالت مصادر إعلامية عبرية إن الجانب الأمريكي مارسَ ضغوطاً على دولة الاحتلال كي لا تصادق على بناء الشقق الاستيطانية، وإن واشنطن أعربت عن قلقها من عدم وصول السلطة الفلسطينية للقاءات جديدة في وادي عربة وفي شرم الشيخ، بحثاً عن هدوء أمني.
يشار إلى أن الاحتلال قد أعلنت، في فبراير الماضي، عن دفعه لبناء عشرة آلاف شقة سكنية داخل المستوطنات، سيتم بناؤها على دفعتين، والآن يأتي الحديث عن دفعة ثالثة تشمل 4500 وحدة سكنية.
يذكر أن حكومة الاحتلال اتفقت مع الإدارة الأمريكية السابقة في فترة حكم دونالد ترامب على عقد اجتماع للمجلس المذكور، مرة كل أربعة أشهر، للمصادقة على دفع بناء وحدات سكنية جديدة داخل المستوطنات بحجة تلبية احتياجات "الزيادة الطبيعية".
يشار إلى أن المرة الأخيرة التي صادقت فيها حكومة الاحتلال على وحدات سكنية داخل المستوطنات كانت في يناير الماضي، عندما قرر المجلس الوزاري- الأمني المصغّر "تبييض" بؤر استيطانية غير شرعية، ولاحقاً قرّر دفع بناء 9409 وحدة سكنية في المستوطنات، بما فيها تلك القائمة خارج الكتل الاستيطانية الكبرى.
وتأتي تراخيص البناء الجديدة في أعقاب إلغاء قانون فك الارتباط من 2005، ونقل المدرسة الدينية داخل مستوطنة حومش، في شمال الضفة الغربية، من مكانها القائم على أراض فلسطينية خاصة، إلى ما يعرف بـ "أراضي دولة"، وأدى ذلك لانتقادات أمريكية، واستدعاء سفير الاحتلال في واشنطن لاستيضاح مغزى الخطوة الاحتلالية. ومن الواضح أن الانتقادات الأمريكية والغربية الموجهة للاحتلال الإسرائيلي لا تلقى أي تجاوب إسرائيلي، خاصة أنها تبقى مجرد انتقادات لفظية دون عقوبات فعلية على أرض الواقع من شأنها ربما ردع الاحتلال الإسرائيلي.
ومنذ تشكيل الائتلاف الإسرائيلي الحاكم برئاسة نتنياهو، في مطلع العام الجاري، وبناءً على اتفاقيات مسبقة، بادر الوزير المستوطن، الذي دعا لحرق حوارة باتسلئيل سموتريتش، لتأسيس مديرية حكومية مختصة بتبييض البؤر الاستيطانية وترتيب أوراقها، وتقوم هذه المديرية بمشروع تسمين المستوطنات، مقابل ما يعرف بـ "الإدارة المدنية".
وأعلنت المديرية الاحتلالية هذه عن برامج لبناء مئات من الشقق السكنية في مستوطنات "عاليه" و"نافيه تسوف" و"جفعات زئيف" و"بيتار عليت" و"معاليه أدوميم" و"رفافاه"، "ادوراه"، و"تيلم".
وقال سموتريتش إن موجة البناء الاستيطاني الجاري والمستقبلي داخل الضفة الغربية، وفي كافة أرجاء الوطن مستمرة.
وتابع، في تصريحات إعلامية اليوم: "نحن نقوم برعاية بناء آلاف الشقق السكنية في المستوطنات. وَعَدْنا، ونَفي بوعدنا. ولم يعد المستوطنون مواطنين من الدرجة الثانية، والزيادة الطبيعية داخل المستوطنات تنعكس في المزيد من البناء. وأنا أشكر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يواف غالانت على تعاونهما، مثلما أشكر طاقم مديرية الاستيطان في وزارة الأمن، ولمكتب التخطيط، على هذا العمل الدقيق. بإذن الله سنواصل تطوير وتوسيع المستوطنات وتعزيز تشبثنا بالأرض".
ليس هذا فحسب، فمن المفترض أن تصادق حكومة الاحتلال، اليوم الأحد، على قرار قدّمه سموتريتش يقضي بتقصير البيروقراطية وصولاً لبناء الشقق الاستيطانية.
وحتى اليوم كانت هناك حاجة لمصادقة وزير الأمن في حكومة الاحتلال، أو جهة أخرى في المستوى السياسي على بناء الشقق الاستيطانية في المراحل المختلفة. وفي حال صادقت حكومة الاحتلال، اليوم، على تقصير البيروقراطية ستكون هناك حاجة فقط بمصادقة سموتريتش على تسمين الاستيطان، ما يعني تسريع ارتكاب جرائم وانتهاكات بحق القانون الدولي من ناحية الاستيطان في أرض محتلة.
وعلقت الإذاعة العبرية على هذه التطورات بوصفها بالخطيرة، ونقلت عن جهات أمنية إسرائيلية تحفظها على هذه الخطوة، لأنها ستدفع نحو المزيد من الاحتكاك مع الفلسطينيين داخل الضفة الغربية، وربما إلى انفجار الوضع، ناهيك عن الضرر الإستراتيجي الفادح، المتمثل بتعميق واقع الدولة ثنائية القومية.