أشارت صحيفة "الغارديان" البريطانية إلى إعادة بروز دور الرئيس السوري بشار الأسد على الصعيدين الإقليمي والدولي، فيما يتراجع ضجيج الحرب المستمرة لأكثر من 10 سنوات في بلده.
ولفتت الصحيفة في تقرير نشرته الأحد إلى أن الرئيس السوري على مدى هذه السنوات ظل شخصية منبوذة تقريبا في المنطقة والعالم، غير أن هذه النزعة تغيرت بشكل ملموس في الآونة الأخيرة حيث "أصبح المنبوذ الأسد مطلوبا".
وذكر التقرير الذي نقله "RT" أن خصوما سابقين للأسد من الذين تبنوا في الفترة الحرجة من النزاع السوري مواقف مناهضة له "ينظرون الآن إلى دمشق أكثر فأكثر كمفتاح لإعادة تجميع المنطقة المتمزقة"، ولم يعد دور الرئيس السوري في النزاع يعتبر عائقا أمام التواصل معه.
وخلص التقرير إلى أن "سوريا، بدلا من أن تصبح بؤرة لزوال الشرق الأوسط أصبحت نقطة مركزية في الخطط الرامية إلى استعادة الاستقرار في فترة ما بعد الربيع العربي".
وأشارت الصحيفة إلى أن الإمارات والسعودية خلال الأشهر الـ12 الماضية أوفدتا مسؤولين إلى دمشق لعقد اجتماعات مع قادة الأجهزة الاستخباراتية، وكانت هناك تحركات أيضا من مصر وقطر في هذا الاتجاه، بيننا ناشد الأردن الولايات المتحدة المساعدة في استعادة وحدة سوريا، مرجحا أن واشنطن في أفضل موقف للمساعدة في هذه المسألة.
وذكّر التقرير بأن العاهل الأردني عبدالله الثاني، خلال زيارته إلى واشنطن في أغسطس الماضي أكد للكونغرس ضرورة استئناف التواصل مع الأسد، وطرح خطة تقضي على ما يبدو بإعادة منح عمّان دور الوسيط بين إدارة الرئيس جو بايدن ودمشق.
ونقل التقرير عن مذكرة أعدها الملك عبدالله حينئذ نصها على أن الأردن قد يقود الاتصالات الأولية مع حكومة الأسد بغية ضمان التزامها، تمهيدا لتوسيع دائرة الاتصالات لاحقا.
وأشار التقرير إلى أن واشنطن بدورها اتخذت خطوة خاصة بها تسهم في "انبعاث الأسد"، إذ طرحت مؤخرا خطة لتصدير الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا.
وأوضح التقرير أن هذا المقترح منح الأسد دورا مباشرا في البحث عن حل للأزمة الاقتصادية في لبنان، ما أثار مخاوف الكثيرين في بيروت من أن هذا التطور سيؤدي إلى استعادة الوصاية السورية على بلدهم.
وقال دبلوماسي أوروبي للصحيفة إن هذه الخطوة أسفرت عن الدمج بين أزمتي سوريا ولبنان وحذر من تبعات محتملة لهذا التطور بالنسبة لبيروت، متسائلا بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة التي تحدثت على مدى سنوات عن "مساعي بناء الدولة" في لبنان تفهم في الواقع معنى خطوتها الأخيرة.
ولفت التقرير إلى عامل آخر يسهم في إعادة بروز دور الأسد في المنطقة، وهو زيادة نفوذ ولي عهد السعودي محمد بن سلمان وسعيه إلى إجراء إصلاحيات في المملكة بغية تحويلها إلى "دولة وطنية شرطية".
ونقل التقرير عن "مساعد مؤثر لزعيم إقليمي" قوله إن الأسد يبدو متشجعا بالاهتمام الجديد به في المنطقة والعالم بشكل أوسع، وتابع أن الرئيس السوري "أصبح من المستحيل التعامل معه".
وأوضح هذا المساعد أن الأسد يصر على أنه لن يقبل أي حلول وسط بشأن سوريا ويطالب الولايات المتحدة بسحب كافة قواتها من دير الزور وأكثر من ذلك يطلب أن يكون لديه دور في تحديد الوجهة التي ستنسحب إليها هذه القوات.