تمكن فريق دولي من العلماء من اكتشاف خبيئة لرواسب أحفورية -بالقرب من "كونمينغ" الصينية- ضمّت مجموعة من الكائنات الاستثنائية التي لا تزال محفوظة بحالة جيدة.
وذكر موقع (الجزيرة نت) أن ذلك المرسب الأحفوري ضمَّ أنواعا من الفقاريات المبكرة والرخويات النادرة والعديد من الكائنات الأخرى التي يعود عمرها إلى الحقبة الجيولوجية المعروفة باسم "العصر الكامبري" (Cambrian Period)؛ أي منذ نحو 518 مليون عام.
ويشير العلماء في الدراسة التي نشرت في دورية "نيتشر إيكولوجي آند إيفولوشن" (Nature Ecology and Evolution) في 28 من يونيو الماضي إلى أنهم عثروا على 2846 عينة لكائنات مختلفة، غالبيتها في الطور اليافع أو اليرقيّ. ومن ثم، فإن هذه الرواسب الأحفورية تعدّ الأقدم والأكثر تنوعا مقارنة بأي رواسب أخرى اكتُشفت حتى الآن.
ويُعقِّب جولين كيميج، مدير المقتنيات في متحف علوم الأرض والمعادن التابع لجامعة ولاية بنسلفانيا (Pennsylvania State University)، في البيان الصحفي الذي نشرته الجامعة، أن "من المدهش حقا أن نرى هذه الأحداث محفوظة في السجل الأحفوري، بخاصة أن العثور على حفريات لكائنات في الطور اليافع يعدّ أمرا نادرا، ولا سيما إن كانت من اللافقاريات الرخوة".
واحتوت الرواسب المكتشفة على حفريات محفوظة بحالة جيدة، وشملت أحيانا الأنسجة الرخوة للكائن الحي. وقد تَعَرَّف الباحثون في تلك العينات على 118 نوعا من الكائنات الحية، من بينها 17 نوعا جديدا لم يكتشف من قبل.
وشملت هذه الأنواع أسلاف الحشرات والقشريات الحديثة والديدان والمفصليات ثلاثية الفصوص والطحالب والإسفنج وبعض أنواع الفقاريات المبكرة قريبة الصلة بالأسماك عديمة الفك، كذلك عُثر على بويضات، وعدد من الحفريات اليافعة ذات الزوائد بحالة جيدة وأنسجة رخوة واضحة.
وقد احتفظت تلك العينات ببعض التفاصيل الدقيقة مثل العيون ثلاثية الأبعاد، التي لم يسبق رؤيتها بهذا الشكل. ومن ثم فإن حالة الحفظ الجيدة تلك تمكن الباحثين من إعادة تصور وبناء الشكل الذي كانت عليه هذه الكائنات.
وعادة فإن الرواسب الأحفورية تحوي عددا من الطبقات، إذ إن كل طبقة منها تمثل حادثة طمر مختلفة عن التي تليها. ويضيف الباحثون أنهم "عثروا على الحفريات في الطبقة السفلى من طبقات الرواسب تلك"، وأن "الطبقات التي تلتها احتوت أيضا على أنواع مختلفة، ولكنها ليست بالقدر ذاته من التنوع الموجود في الطبقة الدنيا".
ويرى الباحثون أن "هذه الطبقات المختلفة تمثل الفواصل الزمنية لمراحل الازدهار والتدهور التي شهدتها الكائنات البحرية في ذلك الزمن"، وتشير وفرة حفريات الأنواع اليافعة في تلك المنطقة إلى احتمالية كونها حاضنة أثرية لجأت إليها الكائنات البحرية للتكاثر لما وفرته لها من حماية من المفترسات.
وبالطبع، فإن أدلة كتلك ستمكن العلماء من دراسة الكيفية التي تطورت بها تلك الحيوانات القديمة من يرقات إلى كائنات بالغة. وهو ما يؤكده كيميج قائلا إنهم "سيتمكنون من معرفة الكيفية التي تطورت بها أجزاء الجسم المختلفة بمرور الوقت. الأمر الذي لا نعرفه في غالبية هذه الكائنات".
ويتابع كيميج قائلا إن "المعلومات المستقاة من هذه الحفريات ستتيح لنا دراسة الكيفية التي تتطور بها حيوانات اليوم. ومن ثم، سنتمكن من معرفة أوجه التشابه والاختلاف التطوري بين حيوانات اليوم والأمس". وبالطبع، ستساعد هذه الأدلة على رسم أوجه الصلة بين الكائنات، وذلك سيمكن من تحديد مواضع الكائنات بدقة على شجرة الحياة.