أحدث الأخبار
  • 09:48 . أطباء يطالبون بإجلاء 25 ألف مريض للعلاج خارج غزة... المزيد
  • 08:40 . رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية ويغلق مقر البرلمان... المزيد
  • 08:38 . رئيس الدولة والعاهل الأردني يبحثان العلاقات والتطورات الإقليمية... المزيد
  • 08:00 . الحوثيون يعلنون تنفيذ ثلاث عمليات مشتركة مع فصائل عراقية ضدّ الاحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 07:59 . تحقيق: شبكة لتهريب زيت الوقود تدرّ مليار دولار لإيران ووكلائها بالمنطقة... المزيد
  • 07:55 . بعد عامين من وفاة "مهسا أميني".. الرئيس الإيراني ينتقد قانونا حول إلزامية الحجاب... المزيد
  • 12:57 . البيت الأبيض: نعمل مع قطر وتركيا ومصر لإبرام صفقة تبادل في غزة... المزيد
  • 12:55 . خمسة أدوية لا يجب تناولها مع الطعام.. تعرف عليها... المزيد
  • 12:55 . في عيد الاتحاد الـ53.. مركز حقوقي يذّكر بإنجازات معتقلي الإمارات منذ تأسيس الدولة... المزيد
  • 12:34 . الذهب يرتفع بدعم من زيادة توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية... المزيد
  • 12:33 . أسعار النفط تنخفض قبيل اجتماع "أوبك+"... المزيد
  • 11:41 . سوريا.. فصائل المعارضة تعزز تقدمها بحلب وحماة... المزيد
  • 11:38 . قاضية أمريكية ترفض طلباً لماسك باستعادة 56 مليار دولار... المزيد
  • 11:36 . "رويترز": أبوظبي تسعى لرفع العقوبات الأمريكية عن الأسد... المزيد
  • 11:35 . ولي العهد السعودي وماكرون يبحثان أزمة الرئاسة في لبنان واستدامة الهدنة... المزيد
  • 11:33 . وسائل إعلام إيرانية: اجتماع روسي تركي إيراني بالدوحة خلال أيام حول سوريا... المزيد

الذكرى التاسعة.. عريضة الثالث من مارس خارطة طريق الخلاص الوطني للإمارات

خاص – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 03-03-2020

تمر اليوم، الثالث من مارس الذكرى السنوية التاسعة على توقيع المئات من النخبة الثقافية والأكاديمية والحقوقية الوطنية الإماراتية، ما بات يعرف في عمق الوعي الوطني والسياسي للشعب الإماراتي بـ"عريضة الثالث من مارس 2011". وقع الإماراتيون قبلها عددا من العرائض لحكام الدولة، بموجب ما يقره الدستور وما تسمح به العلاقة بين الشعب والحكام، إلا أن عريضة الثالث من مارس حفرت عميقا في تجربة الإماراتيين الوطنية والسياسية. وعلى خلاف إرادة جهاز الأمن في طمس العريضة ومطالبها من خلال قمع منظم طوال السنوات التي أعقبت العريضة، حظيت العريضة بخلود لا ينبغي إلا للأسفار التاريخية العظيمة، وللحس الوطني الصادق، والمطالب العادلة التي لا تنقضي إلا بتحققها، وفق ما يقوله ناشطون إماراتيون. فما هي هذه العريضة والمطالب، ولماذا ترفض السلطات تنفيذ مطالب إدارية وتنظيمية وتصر على خلط السلطات وخنقها، وهل كل ما تعانيه الدولة منذ سنوات بسبب التنكر لهذه المطالب؟

ما هي عريضة الثالث من مارس والمطالب التي تضمنتها؟

في أعقاب اندلاع شرارة الربيع العربي في دول عربية مطلع 2011، وقبل اندلاع الثورة المضادة، التي قادتها أبوظبي في الأساس كرد فعل على العريضة في الداخل الإماراتي، قبل أن تنتقل إلى سائر الدول العربية، تنادى مئات المثقفين الإماراتيين لدراسة الحالة السياسية والوطنية في الدولة، فتوافقوا، وعلى سبيل إنقاذ البلاد من أي فوضى أو تأثيرات سلبية لأي تحركات شعبية قد تخرج عن السيطرة نتيجة خصوصية التركيبة السكانية في الإمارات، وعلى سبيل مساعدة الحكام والمسؤولين وتبادل المشورة والآراء معهم- توافقوا على توجيه عريضة للحكام.

العريضة، التي وصفها موقع "أوبن ديمكراسي" الأمريكي أنها صيغت "بتلطف"، تضمنت مطلبين شعبيين شرعيين أساسيين: تعزيز استقلال القضاء، ومنح المجلس الوطني الاتحادي (البرلمان)، بصفته سلطة مستقلة، الصلاحيات المناسبة لسلطة تشريعية ورقابية، ما دامت تقول الدولة: إنها تتبع النظام السياسي الحديث والذي يقوم على مبدأين رئيسيين: الفصل بين السلطات، والتوازن بينها، وفق ما تؤكده وتحدده النظم السياسية الحديثة.

وبما يسلتزم إقامة سلطة تشريعية مستقلة، فإن العريضة طالبت أيضا، بتمكين الشعب الإماراتي كافة من حقه في الترشح والانتخاب، خلافا لما تعمل به السلطة التنفيذية والأمنية في الدولة منذ عام 2005، إذ لا يسمح إلا لعدد محدود ومحدد من الإماراتيين بالمشاركة في هذا الحق السياسي والمدني في صورة من التمييز الواضح بين أبناء الشعب الواحد وبدون أي مبرر أو مسوغ، سوى إرادة السلطة التنفيذية بإحكام قبضتها على السلطة التشريعية والقضائية.

فقبل العريضة، وما بعدها، وحتى الآن، لا يزال القضاء في الدولة يعاني من اختلالات خطيرة في مسار العدالة، وفق ما أكدته مقررة الأمم المتحدة للشأن القضائي غابرييلا كنول، التي درست النظام القضائي في الدولة بتعمق عام 2015، وخلصت إلى عشرات العيوب الفنية والسياسية في هذه السلطة وتجييرها لصالح جهاز الأمن وتوظيفها لصالح السلطة التنفيذية.

ما نريد قوله، يقف خلف العريضة أسباب فنية كثيرة منذ تأسيس الاتحاد، وحتى اليوم، مع أن الحكام المؤسسين أكدوا أن مسيرة الاتحاد وتحصينه وتطويره مستمرة بلا توقف.

ما هو واقع السلطة التشريعية والقضائية اليوم؟

لا يوجد شعب على وجه هذه الأرض يواجه تمييزا فجا ومعلنا ومحميا بالقانون وبالسلطة التنفيذية وبقمع جهاز الأمن بقدر الشعب الإماراتي، من حكومته. مواطنو جنوب إفريقيا كانوا يواجهون التمييز من حكم البيض الانجليز، والفلسطينيون يواجهون تمييز دولة الاحتلال، ولكن الإماراتيين ضحية تمييز تمارسه أجهزة حكومية هي منا، ونحن منها، نشترك معها وتشترك معنا في كل شيء، إلا أنها تتسلط على الشعب الإماراتي وترفض منحه أية حقوق مدنية وسياسية معتبرة، ولا حتى اقتصادية واجتماعية أيضا، والحديث عن الفقر في الإمارات وانتكاس العدالة الاجتماعية وعدم تكافؤ الفرص واختلال المساواة أكبر من أن تستوعب في هذه الوقفة.

فعلى سبيل التفصيل والتحديد، السلطة التنفيذية تمنع 65% من الشعب الإماراتي المشاركة في الترشح أو الانتخاب للمجلس الوطني الاتحادي، والدستور ينص على أن جميع المواطنين سواسية. السلطات ترفض منح المجلس أية سلطات تشريعية ورقابية كما هو كل برلمان في العالم.

المجلس الوطني لدينا، وبحسب الخارجية الأمريكية، ليس أكثر من "مجلس استشاري". وبترسانة من التعديلات القانونية منذ توقيع العريضة، صادرت السلطة التنفيذية فيها المزيد من صلاحيات المجلس الوطني الذي يفتقد في الأساس لأي صلاحيات في الرقابة وحق التشريع.

السلطة التنفيذية، سلبت من المجلس الوطني حق مراجعة القوانين، وحق إصدار قرارات، وجعلتها فقط "توصيات"، بل واستخدمت المجلس كمكتب ملحق بوزارة الخارجية، ينفذ سياسة الحكومة تحت ما يسمى "الدبلوماسية البرلمانية". فرؤساء المجلس، مثل أمل القبيسي سابقا، وصقر غباش حاليا، زاروا دول العالم، ولكن لم يزر أحد منهم شارعا في الدولة ولم يلتق مواطنا واحدا، ولم يتصدر قضية وطنية أو حتى خدمية واحدة.

كل "التطوير" الذي شهده المجلس الوطني، وبهدف "مخاطبة الغرب وإرسال صورة مضللة إيجابية للعالم"، وفق ما قاله خطاب وجهته منظمة العفو الدولية وعشرات من المنظمات الحقوقية مؤخرا، هو  جعل نصف أعضاء المجلس الأربعين من النساء، أي 20 عضوا من الرجال و20 عضوا من النساء. الإماراتيون لا يضيرهم أن يكون المجلس كله من النساء، ولكن في ظل عملية ديمقراطية وانتخابية حقيقية لا صورة مسخ جزئية وانتقائية في التعامل مع هذه السلطة المفترض أنها تراقب السلطة التنفيذية وتعين هي أعضاء هذه السلطة وتحاسبهم فتعزلهم أو تمنحهم الثقة، وليس العكس، في حالة من الغرابة والنشاز عن التجارب العالمية في أنظمة الحكم السياسية.

أما على صعيد السلطة القضائية، فإن السلطة التنفيذية حققت فيها إنجازات مادية رائعة ومنافسة عالميا فيما يتعلق بالاستخدامات الذكية والتكنولوجيا والتقنيات. ولكن القضاء، وبحسب المنظمات الحقوقية فإنه أداة سياسية تستخدمها أبوظبي لمعاقبة الناشطين وإسكاتهم في محاكمات صورية لا ثبوتات فيها سوى ما ينتزع من اعترافات تحت التعذيب، بحسب "هيومن رايتس ووتش"، ومنظمة العفو الدولية، ومنظمات أخرى عديدة.

واُستخدم القضاء على نطاق واسع، ضد الناشطين الإماراتيين، وأسندت أبوظبي إدارة القضاء لديها للشيخ منصور بن زايد وزير شؤون الرئاسة، ودبي أسندت القضاء في يناير الماضي إلى مدير جهاز أمن الدولة لديها اللواء طلال بالهول، في جمع غريب بين القضاء مع مناصب أمنية وسياسية، وفق تحفظات الإماراتيين.

وفي السنوات التي تلت العريضة، كان القضاء هو يد السلطات الطولى الانتقامية والثأرية بغير رحمة من الموقعين على العريضة قبل أن توسع عملياتها الانتقامية ضد الإماراتيين ومقيمين. القضاء الذي طالب موقعو العريضة باستقلاله، هو نفسه أصدر أحكاما بالسجن عليهم تراوحت من 10 سنوات إلى 15 سنة، بتهمة "التخطيط لقلب نظام الحكم"! ولا يزال الإماراتيون يتساءلون، عن صحة هذا الاتهام، إلا إذا كانت السلطات تعتبر أن تمكين الإماراتيين سياسيا ووطنيا من حقوقهم، "انقلابا" في نظام الحكم؟! وفق استنكار الإماراتيين.

ماذا يعني تنفيذ الإرادة الشعبية الواردة في العريضة؟

ولكن، هل مطالب الإماراتيين وإرادتهم تمثل تحديا لنظام الحكم من أي نوع كان؟! في الواقع، إن إرادة الإماراتيين ومطالبهم تنسجم تماما مع وعد به الآباء المؤسسون منذ إعلان قيام الاتحاد من الحرص على استكمال تحقيق طموحات الإماراتيين وتطلعاتهم وتطوير المؤسسات الدستورية. هذا ما تعاهد عليه الحكام المؤسسون والشعب الإماراتي، ومن جهتهم لم يبدل الإماراتيون ولم ينقضوا.

ومنذ نحو 16 عاما، شهدت دولة الإمارات انحرافات ملموسة في الشأن الداخلي والعلاقات الخارجية. لذلك،  فإن تعزيز استقلال القضاء وتطوير مجلس الوطني ومنحه صلاحياته الحقيقة يعني قطع الطريق على مصالح جهاز الأمن والسلطة التنفيذية الذاتية.

تنفيذ مطالب الإماراتيين، سوف توقف تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الدولة، وتستعيد الجزر المحتلة منذ نصف قرن من جانب النظام الإيراني، بدل أن ترسل أبوظبي قوات للحرب في اليمن وليبيا.

تطبيق الإرادة الشعبية في العريضة، سوف تعيد مسيرة الاتحاد لطريقها الصائب بتوازن وندية بين جميع إمارات الدولة ومساواة تامة بين جميع الإماراتيين، دون تغول إمارة على أخرى، أو استمرار عوار العدالة الاجتماعية الواقع الآن.

إرادة الإماراتيين، تعني تمكين الإماراتيين من حقهم المشروع في الرقابة على المال العام، وحقهم في التشريع بما يراعي مصالح جميع مكونات المجتمع، فيسود العدل والأمن وتزدهر البلاد وتحقق استقرارا لا يهتز أمام تغريدة ولا يرتعب من مقال.

إرادة العريضة الشعبية، تسمح للمجلس الأعلى للاتحاد أن يعود له دوره وصلاحياته، ليمارس سلطاته الدستورية دون تفرد إمارة على بقية الإمارات، فتفرض توجهاتها السياسية داخليا وخارجيا. مطالب الإماراتيين هي حق لهم يساهمون من خلالها في تحمل المسؤولية والشراكة الوطنية والسياسية.

تنفيذ العريضة سوف يقضي على الفقر والبطالة ويجعل المشروعات الاقتصادية الهائلة في الدولة تعود بالنفع على الشعب الإماراتي كافة وليس للمستثمرين متعددي الجنسيات.

قمع العريضة ومعاقبة الموقعين عليها لم يضع حدا لها، بل ضاعف أهميتها ومنحها شرعية وطنية وشعبية تتفوق على شرعية جهاز الأمن وكل سلطة تعتبر الإماراتيين قطيعا يُحكمون بالقمع والتنكيل في الداخل، وتسخير الإماراتيين جنودا وعساكر في حروب خارج أوطانهم لا مصلحة لهم فيها شيئا.

العريضة هي نافذة الإنقاذ الوطني الوحيدة التي لا تزال قائمة، ترسم خارطة طريق لكسر الجمود والإصلاح الذي أصاب الدولة وأدخلها دوامة قيادة الثورة المضادة في المنطقة. العريضة تؤكد أن الإصلاح والديمقراطية ليس نقضيا للدولة، وإنما هي نقيض لشخصيات أمنية وتنفيذية لا تزال تختطف الدولة والشعب إلى رؤية مشوهة ومشوشة، تصر على التنكر للعريضة ومعاقبة من يمثل الإرادة الشعبية ذات الشرعية الوحيدة في البلاد، بحسب ما يقول ناشطون إماراتيون.