الاستثمار في الداخل
وقال طارق قاقيش، مدير إدارة الأصول لدي مجموعة المال كابيتال، إنه على الرغم من أن قوة الدولار الأميركي وبالتالي الدرهم المرتبط معه، قد يكون له تأثير سلبي (من الناحية النظرية) على القطاع العقاري في الدولة، إلا أن ارتفاع نسبة العائد من الاستثمار العقاري في الدولة إلى نحو 7% يحافظ على جاذبية القطاع العقاري خاصة وأنها تفوق بمراحل الفائدة على الودائع البنكية، ما يجعل القطاع العقاري من أهم القطاعات الجاذبة للاستثمارات، موضحاً أن تفضيل غالبية المستثمرين الإماراتيين الاستثمار في داخل الدولة نظراً للاستقرار السياسي والاقتصادي يجعل الطلب دائماً موجود على القطاع العقاري خاصة في أبوظبي ودبي.
وأكد قاقيش، أن توجهات المستثمرين المحليين في العام 2017 ستكون معتمدة على عنصرين رئيسيين هما قوة الدولار الأميركي والزيادة في أسعار الفائدة الأميركية، حيث إن التوجهات الاستثمارية الحالية تستهدف قطاع الأسهم في أميركا نظراً لتوجهات الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب بزيادة الإنفاق على مشروعات البنية التحتية من أجل خلق المزيد من الوظائف وتحقيق الانتعاش للاقتصاد الأميركي ما سيصب في صالح الشركات والأسهم الأميركية، مشيراً إلى أن وجود توجه من بعض المستثمرين الإماراتيين للاستثمار في عقارات خارج الدولة يأتي نتيجة عوامل عدة مثل انخفاض أسعار العقارات بشكل كبير كما هو الحال في بريطانيا بعد قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي وانخفاض الإسترليني، وكذا اليونان التي انخفضت أسعار العقارات فيها بنسبة قاربت 60% منذ الأزمة العالمية ما زاد الطلب الأجنبي على العقارات فيها نتيجة لزيادة فرص ارتفاع الأسعار بشكل كبير مقارنة بفرص انخفاض الأسعار مجدداً.
وذكر قاقيش، أن من الأسباب الأخرى التي تجعل بعض المستثمرين المحليين يستثمرون في القطاع العقاري في الخارج هو الرغبة في تنويع المحفظة الاستثمارية، وأيضا استهداف القطاع العقاري في عدد من الدول التي ظهرت كوجهات جديدة للاستثمار العقاري مثل أرمينيا والبوسنة وغيرها حيث يتوقع أن تكون فرص نمو الأسعار فيها كبيرة خلال سنوات قليلة لاسيما وأن الأسعار تعد منخفضة قياساً إلى سعر صرف الدرهم مقابل عملات تلك الدول.وفيما يخص التوجهات الاستثمارية العقارية للمستثمرين المحليين فائقو الثروات في الدول المتقدمة، يرى قاقيش، أن تلك الفئة عادة ما تستهدف نوعية معينة من الأصول مثل شراء البنايات الكبيرة والأوتيلات في المناطق المشهورة والأكثر أماناً نظراً لتوقع تحقيق عائد جيد وتوقع زيادة قيمة تلك الأصول في المستقبل، لافتاً إلى أن المستثمرون الإماراتيون بشكل عام يفضلون الاستثمار في عدد من القطاعات داخل الدولة حيث إن الفرص الاستثمارية أكثر جاذبية ويتوقع أن تحقق أرباحاً أكثر في ظل حالة الاستقرار والنمو التي تتميز بها دولة الإمارات.
قوة الدولار
ومن جهته أفاد نادي برغوثي، مدير إدارة الأصول في بنك الإمارات للاستثمار، أن على رغم وجود أكثر من عامل يؤثر على قرارات المستثمر المحلي، إلا أن قوة الدولار الأميركي ستكون هي المحدد الرئيس للتوجهات والقرارات الاستثمارية للمستثمرين المقيمين في الدولة سواء الإماراتيين أو من جنسيات أخرى، مؤكداً أن التوقعات كلها تشير إلى استمرار ارتفاع الدولار الأميركي في العام 2017 في ظل بدء استعادة الاقتصاد الأميركي لعافيته والتوقعات بتحقيق نمو بمعدلات أفضل من الاقتصادات الأوروبية والآسيوية مثل اليابان.
وأوضح برغوثي، أن رفع سعر الفائدة الأميركية كان أمراً متوقعاً من قبل غالبية المحللين ولذا لم يمثل مفاجأة، ولكن كانت المفاجأة في نبرة خطاب الفيدرالي الأميركي والتي جاءت متفائلة بشكل كبير (نظراً لزيادة العوامل التي ترجح قوة الاقتصاد الأميركي) ومختلفة عن اللهجة المتحفظة في السنوات الماضية فضلاً عن التوقعات برفع سعر الفائدة 3 مرات في العام الجديد، مبيناً أن العوامل قد تختلف عند تولى ترامب المسؤولية فعلياً في العام الجديد، ولكن على الرغم من أن الرئيس الأميركي الجديد يفضل عدم زيادة قوة الدولار الأميركي بالشكل الذي يضر بتنافسية الصادرات الأميركية، إلا أن الفيدرالي الأميركي سيعمل على أن تظل العملة الأميركية على قوتها لتحافظ على مكانتها كعملة الاحتياط الرئيسية في العالم والملاذ الأمن للاستثمارات.
وأشار برغوثي، إلى أن رفع الفائدة الأميركية أدى إلى هبوط أداء بورصات الأسواق الناشئة بشكل نسبي حيث فضلت الأموال الأجنبية «الساخنة» الخروج من تلك الأسواق والتوجه لشراء سندات الخزانة الأميركية الاستثمارات في أسهم الشركات الأميركية التي يرجح أن تستفيد من برنامج الرئيس الأميركي الجديد لزيادة الإنفاق الحكومي على مشروعات البنية التحتية، ما سيفيد الشركات العقارية والشركات المنفذة لمشاريع البنية التحتية إلى جانب البنوك التي تستفيد من رفع سعر الفائدة، لافتاً إلى أن تحريك سعر الفائدة في البنوك المحلية تزامنا مع ارتفاع الفائدة الأميركية يصب في صالح البنوك المحلية التي أثرت أسعار الفائدة المنخفضة على نتائج أعمالها في السنوات الماضية نظراً لعدم وجود هامش ربح يمكن تحقيقه من الفارق بين سعر الفائدة على الودائع وسعر الفائدة على القروض.
وأرجع برغوثي، توجه المستثمرين المحليين للاستثمار في القطاع العقاري في عدد من الدول إلى الرغبة في التحوط وحماية رؤوس الأموال خاصة أن قوة الدولار الأميركي مقارنة بالعملات الرئيسية مثل الإسترليني، واليورو، والين الياباني زادت من جاذبية الاستثمار ومن توجه رؤوس الأموال إلى عدد من الدول مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا، منوهاً أن بريطانيا ستظل من الوجهات الرئيسية التي يستهدفها المستثمر الخليجي خاصة في ظل الخبرة الكبيرة والدراية الواسعة بالفرص المتاحة هناك، فضلاً عن أن انخفاض العملة البريطانية جعل قيمة الأصول تقل بنسبة تزيد عن 15% ما سيزيد من الجاذبية الاستثمارية خاصة في ظل التوقعات بزيادة قوة الدولار الأميركي ومن ثم العملات الخليجية المرتبطة معه.