وتابع الكمدة «هناك من يذهب إلى أخطر من ذلك، إذ يسافر إلى الخارج ويجرى عملية تغيير هرمونات كلفتها لا تتجاوز 10 آلاف درهم، لإبطال وظائف الرجولة في جسده، من دون الرجوع إلى الأطباء المختصين في الدولة، القادرين على تشخيص الحالات المرضية الناتجة عن خلل فسيولوجي، واتخاذ قرار حول ما إذا كانت حالته تتطلب إجراء عملية تحول في الجنس أم لا». وأضاف أن «نسبة تلك السلوكيات على شبكات التواصل الاجتماعي ليست قليلة، ورصدت الهيئة مقاطع فيديو يعرضها شباب لنشر أفكارهم المشوهة وتصرفاتهم غير السوية»، لافتاً إلى أن «عدد مشاهدي أحد المقاطع المسيئة كان كبيراً، الأمر الذي يضع كل الجهات المسؤولة عن حماية المجتمع والشباب تحديداً أمام مشكلة تتطلب دراسة ومواجهة، قبل أن تتحول إلى أمر واقع، تحت شعار الحريات الشخصية».
مساحيق تجميل
وقال الكمدة «تلك السلوكيات أصبحت معلَنة بشكل مستفز، ليس فقط عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بل حتى في الجامعات والمراكز التجارية وصالونات الحلاقة»، مستنكراً أن «يسمح الآباء والأمهات بخروج ابنهم الشاب من منزله أمام أعينهم واضعاً مساحيق تجميل كأحمر شفاه، ومرتدياً لبساً مخلاً بكل ملامح وصفات الرجولة، إضافة إلى حركاته وطريقة المشي والكلام، التي لا تمت للذكورة بصلة».
وأكمل: «تلك السلوكيات ليست وليدة اليوم، بل إنها بدأت الظهور منذ سنوات، إلا أن هؤلاء الشباب لم تكن لديهم جرأة الإفصاح عن أنفسهم، لاسيما أن وسائل التواصل الاجتماعي لم تكن منتشرة مثلما هي عليه الآن»، مضيفاً: «ذات مرة كنت في زيارة عمل لإحدى الجامعات، وأصبت بإحباط شدد حين أطلعني مديرها الأكاديمي على دورية مطبوعة تصدر عن الجامعة على غلافها صورة فتاة تقول: لماذا أنا مثلية؟ وفي داخل المجلة موضوع تشرح فيه الفتاة عن آرائها وحياتها».
وأشار إلى أن «هذه المشكلة تتعلق بطرفين، أولهما الشباب الممارس لتلك السلوكيات بشكل علني من دون اكتراث لمشاعر وقيم المجتمع، الذي يجب أن تتوجه نحوه كل الجهود التوعوية والإصلاحية المطلوبة لتقويمه، والطرف الآخر هو الشباب التابع لبعض الجاليات، الذي وفد إلى البلاد للعمل حاملاً معه أفكاراً وممارسات مشوهة قلدها مراهقون»، متسائلاً عن ضرورة الاحتفاظ بوجود مثل هؤلاء للعيش في مجتمع كالإمارات له خصوصيته في العادات والقيم المحافظة.
خلل فسيولوجي
وقال «عندما تتعلق تلك السلوكيات بوجود اضطراب نفسي أو خلل فسيولوجي، فإن ذلك يكون مفهوماً ومبرراً، ويتطلب علاجاً ودعماً من كل الجهات المعنية لمساعدة الشخص المصاب، وأرى أن الخطورة تكمن في موقف الوالدين، اللذين لا يريان أي خلل في سلوك أبنائهما، وتالياً لا يجدان سبباً لعلاجه».
وعن دور الهيئة وخطتها في مواجهة تلك السلوكيات، قال الكمدة إن «الهيئة لا يمكنها أن تساعد أي فرد أو أسرة ما لم يساعدا نفسيهما»، مؤكداً أن «القادر على منع تفشي هذه السلوكيات المشينة هو الأسرة، لدورها في تربية وتنشئة الأبناء التنشئة الصحيحة المرتكزة على الأسس الأخلاقية والدينية التي ارتضاها المجتمع نهجاً وممارسة».
حدود الحريات الشخصية
من جهته، أكد مدير إدارة التلاحم الأسري في الهيئة، الدكتور عبدالعزيز الحمادي، أن «وجود نسبة عالية أو قليلة من هؤلاء الشباب لا يغير من حقيقة أن الأمر خطير، والسكوت عنه جريمة، لاسيما من قبل المؤسسات التي اؤتمنت على حماية الشباب والمجتمع، والعمل على تنمية وتوعية أفراده».
وتابع الحمادي أن «الأمر تجاوز كل حدود الحريات الشخصية، حين صارت المجاهرة بالمعاصي أمراً عادياً»، مشيراً إلى أنه «إذا كان وجود مشكلات نفسية أو جينية أو فسيولوجية لدى بعض الأشخاص أمراً مفهوماً، لكن التعامل معه يتم أيضاً ضمن التشريع القانوني المطبق في الدولة». وأوضح أن «قانون دولة الإمارات يحترم الإنسان وحقوقه، ودستور البلاد بني على حفظ الحقوق للأفراد وفئات المجتمع بمختلف أطيافه، لكن ضمن الأطر الأخلاقية والأسس الشرعية التي تمثل المصادر الأساسية للدستور والقانون».
وأكد الحمادي أن «القانون يمنع نشر أو بث كل ما يمكن أن يسيء للدولة وصورتها وسمعة أبنائها، وطالما هذه السلوكيات تمثل مثالاً صارخاً على الإساءة لعادات وتقاليد وسمعة المجتمع، فمن الممكن اللجوء للقضاء للتعامل معها ووضع حد للأشخاص المسيئين عبر الوسائل القانونية الرادعة».
وتابع أن «تلك الظواهر يجب أن تواجه بالحوار والعقل والنصح، لكن يجب في الوقت نفسه أن تكون المواجهة قاطعة وحاسمة من قبل الجهات المعنية».
وقال الحمادي «الحالات التي بدأت تتجه إلى دول يسمح قانونها بإجراء عمليات تغيير الجنس من دون الرجوع إلى أي مسوغات طبية، ثم تتوجه إلى السلطات القضائية في الدولة مطالبة بأخذ حقوقها، بينما في حقيقة الأمر هي من خربت حياتها نتيجة عدم اتزانها النفسي، علماً أنه كان أمامها خيار طلب المساعدة من الاختصاصين الموجودين داخل الدولة».