هي ذات السياسة، ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين، ليس إلى جانب الإماراتيين أو العرب أو المسلمين أو السنة وإنما إلى جانب كل خلاف ذلك، التي تتبعها أبوظبي في علاقاتها الداخلية والخارجية. إحدى المظاهر الراهنة لهذا الادعاء، هو استقبال أبوظبي لوفد عراقي كنسي بحفاوة كبيرة وتركيز إعلامي لتثبيت انطباعات "التسامح" الجاري تسويقها بعد الإعلان عن وزارة تسامح مؤخرا، مقابل تجاهل تام لمآسي بقية العراقيين الآخرين ومن بينهم أهل السنة، إلى جانب زهد الدولة في إبداء التعاطف مع مسلمي الروهينغا الذي يواجهون إبادة جماعية من جانب البوذيين.
مسيحيو العراق في حضرة أبوظبي
على الإطلاق، إن إثارة زيارة الوفد الكنسي العراقي لا ينطوي على أي تحفظ من جانب الشعب الإماراتي، وكذلك الحال مع سائر بني الإنسان في أي بقعة من العالم وبغض النظر عن دينهم أو لونهم أو لغتهم. غير أن سياسة أبوظبي تتطلب الكشف عن ازدواجية المعايير وهو ما يفرض على الإماراتيين بسط المسألة على هذا النحو.
فقد زار وفد مطارنة من رعاة الكنائس المسيحية في العراق، والذين يمثلون رؤساء أساقفة أبرشيه الموصل وكردستان للسريان الأرثوذكس، وأساقفة أبرشيه الموصل وكردستان للسريان الكاثوليك، وأساقفة أبرشيه أربيل الكلدانية دولة الإمارات في زيارة رسمية تستمر عدة أيام.
والتقى الوفد الكنسي الشيخة لبنى القاسمي وزيرة دولة للتسامح، كما التقى الوفد بالشيخ نهيان بن مبارك في زيارة ثانية. أما اللقاء الثالث حتى الآن فقد تمثل باللقاء مع محمد مطر الكعبي رئيس هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية في أبوظبي.
وتركزت اللقاءات التي لاقت تغطية إعلامية مكثفة وبارزة من جانب الصحف الرسمية على تصريحات نسبتها للوفد الكنسي العراقي تضمنت "الإشادة بالتسامح في الدولة" و "الإعجاب بنموذج الإمارات وجدارتها إقليميا ودوليا"، وهو ما يؤكد أن الغرض الرئيس من هذه الزيارة التي سبقها زيارة وفد كنسي مصري أيضا، هو حصول أبوظبي على "شهادة في التسامح" كون الغرب الذي يكتب تقارير حقوقية تفضح الانتهاكات الحقوقية في الدولة يهمه تعميم التسامح الديني في المنطقة، فهي جانب وحيد تبذله أبوظبي وليس من أجل "التسامح مع المسيحيين" وإنما لذر الرماد في العيون عسى أن تغطي ممارسة واحدة على مئات الفظائع الحقوقية التي تثبتها الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بشأن بلاغات التعذيب في سجون أمن الدولة السرية.
الموقف من الروهينغا
لو كان الهدف الحقيقي من استقبال الوفد الكنسي العراقي هو التسامح أو إظهار التعاطف مع ما يواجهونه من مشكلات في العراق لكان سُنة العراق العرب الذين يُقتلون ليل نهار بسلاح المنظمات الشيعية الإرهابية أو المنظمات الإرهابية الأخرى أوْلى باستقبالهم في دولة الإمارات.
ولو كان ثمن إظهار التعاطف مع المضطهدين دينيا في بورما من المسلمين أجدى دعائيا وحقوقيا وسياسيا لأبوظبي لطارت وزيرة التسامح أو معممي الأوقاف والأزهر إليهم لإظهار تعاطف أبوظبي مع إحدى أكبر المآسي الإنسانية التي أصابت المسلمين في الوقت الراهن. ولكن ظهور الوفد الكنسي العراقي لإظهار التسامح الإماراتي أمام عدسات الغرب أجدى من جميع الجوانب.
و يرى ناشطون أن على الروهينغا أن ينتظروا إنشاء وزارة "للتعاطف" في الدولة لعلهم يحظون بإشارة من "وزيرة التعاطف" المفترضة أو أن يولي الغرب مأساة الروهينغا اهتماما خاصا تسعى أبوظبي لاستثماره في حملات الدعاية والعلاقات العامة.