نشرت صحيفة "القدس العربي" اللندنية تقريرا حول ما يتهامس به الإماراتيون مؤخرا فيما بينهم. ويرى خبراء الرأي العام أن التهامس إحدى مراحل التعبير عن الرأي، يسبقها حوار داخلي ذاتي يتعرف فيه الجمهور على قضية ما حتى يدركها ويعيها تماما ثم ينتقل لمرحلة مناقشتها مع محيطه في البيت والعمل والمسجد والشارع والدولة ككل. وفي مرحلة لاحقة، وبعد بناء التصورات وتكون الحقائق ونضوج الآراء ترفع الجماهير صوتها بمطالب محددة تعبر عن رؤيتها وتصورها لإدارة وحل هذه القضية أو تلك، و هناك مراحل أخرى أمام الرأي العام التي يمكن أن يقوم بها تبعا لحساسية القضية بالنسبة له. ومن المهم إدراك أن الرأي العام غير ثابت ويختزن الكثير من عناصر المفاجأة والمباغتة ويستطيع أن يفرض التغيير حتى ولو بأثمان باهظة أحيانا.
و طرحت الصحيفة اللندنية ما يشغل الرأي العام الإماراتي في هذه الأثناء، إذ قالت،" الذي يتابع وسائل الإعلام الإماراتية الرسمية والخاصة يشعر أن الإمارات في حالة حرب، وأن الحرب الجارية في اليمن هي حربها فقط". ورأت الصحيفة أن الهدف من "التجييش الإعلامي هو حث المواطنين على تأييد مشاركة جيشهم في الحرب ، وتبرير استشهاد أبنائهم".
أكاديمي إماراتي والإعلام
تنقل الصحيفة عن أكاديمي إماراتي قوله،" الإمارات أضحت أكثر دولة خليجية إن لم نقل عربية، تضم صحفا ومجلات وقنوات تلفزيونية وأكثر عدا من الصحف الخليجية والدولية الأخرى، وهناك صحف توزع مجانا وتعطي كوبونات خصم وشراء لمن يقرأها ورغم ذلك لا تجد من يتصفحها بسبب عدم مهنيتها، وهناك مواقع إخبارية الكترونية تطرح نفسها كمنافس لمواقع إخبارية عربية شهيرة مثل «ايلاف» هذه المواقع لا تجد إلا القليل من المتابعين والمتصفحين لها، لذا تلجأ إلى التسويق الإلكتروني الوهمي لزيادة عدد متصفحيها إلى مئات الآلاف".
وترصد الصحيفة أيضا، "ما أصبح ظاهرة في الإعلام العربي قيام جهات في الإمارات، أو بالأصح مستشارين، بالعمل على شراء صحف ومواقع إخبارية عربية في الخارج مثل لندن ومصر".
تتابع الصحيفة، "على أرض الواقع لا تشعر بأن هناك حربا تدفع الإمارات فيها خيرة شبابها للمشاركة فمظاهر الحياة الطبيعية تسير بشكل طبيعي، وتدهور أسعار النفط لم ينعكس على ـحتى الآن على الأقل على مظاهر النشاط الاقتصادي في الدولة.
ولكن الصحيفة تستدرك، "صحيح أن الصرف المالي الاتحادي على الإمارات الفقيرة، مثل الفجيرة ورأس الخيمة والشارقة، قد قل ولكن اقتصاد هذه الإمارات الفقيرة أصبح يعتمد على مشاريع القطاع الخاص لتطوير مواردها المالية".
وتستطرد الصحيفة، "طبعا الإعلام الإماراتي لا يستطيع أن يعكس وجهة نظر المواطنين الذين يتساءلون لماذا نحن نتدخل في المشاكل والحروب العربية؟
آراء دبلوماسي سابق
تنقل الصحيفة عن مثقف إماراتي كان سفيرا سابقا تساؤلاته، "لماذا أصبحت دولتنا طرفا عربيا ضد طرف آخر؟ وما هي مصلحتنا في ذلك؟ نحن في عهد القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان كنا الدولة التي يخطب ودها الجميع لأن اسهاماتنا في القضايا العربية كانت إسهامات خير وبناء، لذا كان الشيخ زايد من أكثر القادة العرب حبا عند العرب، لذا بنيت مدن باسمه، وأطلق أسمه على شوارع المدن العربية، وكانت الإمارات ملجأ كل العرب"، على حد وصفه.
ويضيف المثقف الدبلوماسي، الذي فضل عدم ذكر اسمه،" الآن نحن مع النظام المصري ضد معارضيه، وفي ليبيا نتدخل مع طرف ضد أطراف أخرى، وفي اليمن دخلنا حربا ليس لنا بها علاقة سوى أننا جزء من منظومة دول مجلس التعاون التي تقودها السعودية لمواجهة المشروع الإيراني للسيطرة على المنطقة، ونحن أصبحنا نقود حربا ضد جماعة الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية السياسية الأخرى في المنطقة".
وأردف الدبلوماسي قائلا، نحن مع دولتنا.. ولكن نخشى على دولتنا من الصراعات الدولية والإقليمية في المنطقة، ماذا سيحصل لو أن إرهابيا استهدف دولتنا بعمل إرهابي؟ صحيح أن هناك إجراءات أمنية، ولكن طالما أن الاحتمالات واردة فالمخاطر قائمة؟" على حد تعبيره.
رصد الصحيفة للرأي العام
قالت الصحيفة، "في دولة الإمارات – مثل أي بلد لا شفافية مطلقة عنده – تكثر الشائعات التي تسمعها همسا، مثل لماذا يسمح لأحمد ابن المخلوع، الذي يقود والده الحرب ضد قوات التحالف في اليمن، الإقامة في أبو ظبي؟ وهل فعلا تخلى هذا عن والده؟".
وتابعت التساؤلات، "لماذا يسمح لبعض رموز النظام السوري وأقرباء رئيسه بزيارة الدولة والاستثمار فيها" وتقول الصحيفة، " يتحدثون عن نشوء نوع من المافيا السورية في دبي تتاجر بتهريب الألماس وبيعه، وهناك استثمارات عقارية وفي فنادق ومطاعم لابن خال الرئيس الأسد رامي مخلوف؟ بالإضافة إلى ذلك الكل يعرف حكاية لجوء السيدة بشرى الأسد شقيقة بشار الأسد إلى أبو ظبي بعد مصرع زوجها في حادثة تفجير مبنى مكتب الأمن القومي في دمشق عام 2012، وتم منحها الجنسية الإماراتية مؤخرا.".
وتطرقت الصحيفة إلى التساؤل "حول دور مستشار أمني – غير إماراتي – في توريط الإمارات في لعبة "الأمم" وصراع الاستخبارات في المنطقة"، لتختم الصحيفة تقريرها بالقول، "أسئلة كثيرة يسمعها "همسا" الزائر لدولة الإمارات هذه الأيام، ولكن لاشك أن لا أحد يستطيع الإجابة عليها سوى المسؤولين الكبار الذين تعودوا الصمت، أو الذين لا يجرؤ أحد على طرح هذه الاسئلة أمامهم"، على حد تعبيرها.