تهرب الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله من الإجابة عن تساؤلات الناشط الإصلاحي الإماراتي حمد الشامسي أحد المحكوم عليهم غيابيا في القضية المعروفة إعلاميا ال"94"، و التي تشير محاكمة عشرات المثقفين الإماراتيين جراء توقيعهم عريضة لرئيس الدولة تطالب بمنح المجلس الوطني الاتحادي(البرلمان) صلاحيات رقابية وتشريعية معتبرة.
هذا المجلس الذي لا يزال في قبضة السلطة التنفيذية على حد تعبير مراقبين، كان موضع انتقاد شديد اللهجة ونادر من جانب "عبد الله" بعد زيادة أعداد المسموح لهم في الاقتراع إلى 224 ألف إماراتي مقابل حرمان مئات الآلاف من الإماراتيين، هذه الزيادة التي اعتبرها وزير شؤون المجلس الوطني أنور قرقاش بأنها تطوير للتجربة الانتخابية والمشاركة السياسية على حد زعمه.
الأكاديمي الإماراتي انتقد في تغريدات (6|7) مماطلة السلطة التنفيذية في الوفاء بوعودها بما تسميه عملية التدرج والتمكين، وهي انتقادات اعتبرها مراقبون مفاجئة وتعبر عن موقف يحسب "لعبد الله" والذي دأبت وسائل إعلام عربية بوصفه مستشارا لولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد.
"عبد الله" .. ومزاعم التنظيم السري
كان أبرز ما لفت نظر الناشطين في تغريدات "عبد الله" أنه طالب، بما طالب به المعتقلون في قضية ال"94"، ما دعا ناشط يدعى سعود الجميري لتذكير "عبد الله" بالعريضة التي وقعها 130 ناشطا ولم يطالبوا سوى بمجلس منتخب كما طالب عبد الله نفسه، إلا أنه تم اعتقالهم.
"عبد الله " تسرع في الرد على الجميري وأوقع نفسه في تناقضات مكشوفة، عندما زعم أن "السبب الحقيقي (لاعتقال الناشطين) هو الانتماء لتنظيم سري".
وادعى أن "المخالفة القانونية واضحة وقيادة الجماعة كانت مدركة لذلك ولم تستجب لدعوة إنهاء نشاط التنظيم السري كما حدث في قطر"، معتبرا أن الإخوان ارتكبوا خطأ بحق الامارات ويتحملون مسؤولية التحفز الأمني وتراجع الحريات وعليهم الاعتذار وتنتهي القضية، على حد زعمه.
وكان "عبد الله" قد ناشد على حسابه في "تويتر" القيادة الإماراتية بتاريخ (21|6)، العفو عن معتقلي الرأي والمعارضين، وطالب بتخفيف "التحفز الأمني". وأثنى "عبد الله" على معتقلي الرأي ووصفهم "بالمحبين لأوطانهم وقياداتهم".
وتابع "عبد الله" في رده على الشامسي والجميري قائلا، "دعوة الإصلاح على العين والراس لكن حولها البعض إلى فرع للإخوان في الإمارات أي تنظيم سياسي سري مخالف للقانون"، على حد تعبيره. وأردف، "أعرف بعضهم وهم زملاء، حبهم للإمارات يوازي حب أي مواطن آخر لكنهم خالفوا القانون، معربا عن ثقته "بالقضاء في الإمارات الذي قال كلمته"، على حد قوله.
وأخفق "عبد الله" في الرد على استفسارات وتساؤلات الشامسي، فاتهم الإصلاحيين قائلا،" هناك من يعتقد راسخا أن الاخوان هم الحاضنة الحقيقة للتطرف وسيد قطب هو المرجع العقائدي الفكري الحقيقي للعنف والتشدد السائد حاليا"، دون أن يوضح "عبد الله" الرابط بين هذه الإجابة ومسألة الإصلاحيين الذين طالبوا بما طالب به بشأن المجلس الوطني.
واستطرد "عبد الله" بالحكم على الإصلاحيين بدون دليل وإنما بانطباعات واتهامات الأجهزة الأمنية، قائلا،" الولاء (ولاء الإصلاحيين) لرئيس الدولة لكن البيعة كانت لشخص آخر"، دون أن يوضح التناقض بين الإقرار بولاء الإصلاحيين لرئيس الدولة وبين اتهامهم بالبيعة لشخص آخر. وكرر "عبد الله" اتهامه،" دعوة الإصلاح تحولت بعلمك أو بدون علمك إلى فرع للإخوان في الإمارات. قانون الإمارات لا يسمح بذلك. الإخوان تنظيم سياسي بامتياز"، ودون أن يقول عن أي تهمة حوكم الإصلاحيون، هل بزعم "التنظيم السري" أم "لفكر سيد قطب" أم "للتنظيم السياسي بامتياز،...؟!
تساؤلات الشامسي وهروب "عبد الله"
الناشط حمد الشامسي دخل في حوار مع "عبد الله" حيث وجه له عددا من التساؤلات الاستنكارية للرد على اتهام "التنظيم السري"، قائلا،" كيف يكون تنظيم سري و الشيخ محمد بن زايد مجتمع معهم في 2003؟ و كيف يكون تنظيم سري و لديهم موقع إلكتروني تعرض فيه برامجهم وأعضاء جمعية الإصلاح ومجلس الإدارة وسيرهم الذاتية.
وتابع الشامسي الذي لم يجد أي إجابة من "عبد الله"، كيف يكونون تنظيم سري و لهم لقاءات متلفزة تتحدث عن الدعوة وأنشطتها، وكيف يكون تنظيم سري وأنشطتهم واحتفالاتهم مصورة ومنشورة على النت.
الشامسي لم يكتف بالتساؤلات الاستنكارية للرد على "عبد الله"، وإنما أكد بموقف حازم، "جناح عسكري وعمل سياسي سري، هذه تهم إعلامية لم يقدمها حتى المدعي العام في لائحة تهمه ضد دعوة الإصلاح"، ليختم الشامسي محادثته مع "عبد الله" بالقول،" باختصار يا دكتور، دعوة الإصلاح عمل منظم، وليس تنظيم سري كما يدَّعي البعض والعمل المنظم لا يخالف القانون".
وأكد الشامسي أن القضاء الذي يثق به "عبد الله" لم ينصف المعتقلين ولم يعطهم حق الدفاع عن أنفسهم ولم يسمح لهم بالتقاضي إلا أمام محكمة لا تقبل أحكامها الاستئناف أو الطعن.
وعندما لم يقدم "عبد الله" أية إجابة أو نفي لما تحدث عنه الشامسي تأكد للأخير أن "عبد الله" قد "تملص" من الحوار وغادر حسابه، ليخبره الشامسي أنه ينتظر إجابته عندم يفرغ من "انشغالاته".
الجميري يرد على "عبد الله"
المغرد الجميري حاول استصراخ "ضمير" عبد الله قائلا، "دكتور تعرف الحقيقة جيدا، أرجو أن تنصف الحق ولا تمشي خلف من لا علم له بالأشخاص، دعوة الإصلاح دعوة جهرية وليست سرية". وأكد الجميري أن "ولاء جميع أعضاء دعوة الإصلاح ورئيسها لله ثم الوطن ورئيس الدولة ومعظم أعضائها لهم دور في نشأة الدولة ومن المتميزين والمخلصين". وذكر الجميري الأكاديمي عبد الخالق عبد الله بدور جمعية الإصلاح، بقوله " كانت حاضنة للشباب ومن استغلال أي جهة خارجية لهم وكان لها دور في تربية الشباب تربية وطنية وإسلامية".
وأنهى الجميري مداخلته، بالقول،" يا دكتور، أنت إنسان مثقف وواع، ولَك مكانتك العلمية ومعظم المعتقلين زملائك، بذمتك هل لاحظت عليهم ما تقول".
ولم تكن ملاحظات أو تساؤل الجميري ليكون لها حظا أفضل من حظ تساؤلات الشامسي، إذ لم يجد جوابا على تساؤله أيضا بعد أن "غادر" عبد الله المحادثة.
تقييم مراقبين لتقلبات "عبد الله" وتناقضاته
في مقابلة "لعبد الله" مع قناة روتانا خليجية في نوفمبر الماضي مع برنامج "في الصميم" اتهم عبد الله الإصلاحيين بذات التهم الواردة في حواره مع الشامسي. وفي يونيو الماضي غرد "عبد الله" مدافعا عنهم كما سبق الإشارة إليه.
وفي تغريدات أمس طالب عبد الله بنفس مطالب الإصلاحيين، ولكنه عاد بعد ساعات من تلك التغريدات التي تضمنت انتقادا قاسيا لإدارة التجربة الانتخابية والمشاركة السياسية ليهاجم دعو الإصلاح مجددا.
وإزاء هذه المواقف ونقيضها يرى مراقبون أن "عبد الله" قد يكون خرج عن النص وتجاوز المسموح بانتقاد التحضيرات الانتخابية للانتخابات المقبلة، ما قد يكون عرضه إلى ضغوط أمنية أو جهات وشخصيات تنفيذية دفعته للتراجع عن هذه المواقف خاصة أن هناك من كان قد لفت انتباهه إلى أن هناك من قد يستثمر موقفه من الانتخابات لمصالحه الخاصة، في إشارة إلى ناشطين إماراتيين.
لذلك، فإن نكوص "عبد الله" عن تغريدات (21|6) وتغريدات (6|7) قد يكون تجديدا لالتزامه أمام الجهات التي تضغط عليه ترهيبا أو ترغيبا، حسب وصف مراقبين يؤكدون معرفتهم الضليعة بشخصية "عبد الله". في حين ذهب مراقبون آخرون إلى اعتبار أن "عبد الله" قد يكون يعبر في تغريداته المتناقضة عن صراع بين مراكز قوى في الأجهزة الأمنية والتنفيذية، ما يجعل بورصة المواقف تهبط وتصعد تبعا لمواقع هذه المراكز التي يغلب عليها طابع الصراع عادة، حسب تقدير المراقبين.