لم تكن الذكرى الـ 11 لرحيل الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان، التي تصادف اليوم الاثنين 19 من رمضان، لتمّر مرور الكرام على الشيخ محمد بن راشد رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والذي عُرف بمبادراته على مستوى المجتمعي والسياسي الداخلي ناهيك عن مبادراته العربية والعالمية كما في سقي الإمارات.
فقد فاجأ محمد بن راشد من موقعه كرئيس لمجلس الوزراء، الجميع برمي الحجر في بركة الأوضاع السياسية الداخلية المتأزمة بين أبوظبي والاصلاحيين، بعد حملة الاعتقالات التي طالت العشرات من نخبة أبناء الوطن، ودخلت عامها الثالث دون أفق للحل.
ففي جلسة مجلس الوزراء، التي عقدت يوم أمس الأحد 6 يوليو الموافق 18 من رمضان، ووقف فيها الشيخ محمد بن راشد وأعضاء الحكومة لقراءة الفاتحة على روح الوالد المؤسس، أصدر مجلس الوزراء بيان بشأن التطرف والارهاب، أعاد من خلاله تعريف الارهاب والتطرف والتأكيد على تبني الدولة لمنهجية محاربته على مستوى وطني، أو ضمن تحالف دولي مع دول العالم، وأبعّد في الوقت نفسه أبناء الوطن من تلك التهمة، حين دعا إلى المقاربة الشاملة، الفكرية والتنموية مع الآخر من أبناء الوطن، وفقا لمظلة واسعة أساسها الرؤية الوطنية الشاملة.
فرغم المناشدات المتكررة لأهالي المعتقلين للشيخ محمد بن راشد للتدخل لدى أبوظبي، للافراج عن أبناءهم وعلى رأسهم أخوات الدكتور عيسى السويدي، حصل الافراج أخيرا عن الشقيقات الثلاث، اللاتي اعتقلن لثلاثة أشهر متواصلة في مكان مجهول بسبب نشرهن لتغريدات على موقع "تويتر" دفاعا عن أخيهن المعتقل لدى جهاز أمن الدولة.
ويرى مراقبون أن دعوة الحكومة اليوم، باختيارها ذكرى رحيل الشيخ زايد، ليؤكد على جدية انطلاق دعوة التوفيق الداخلي، على خطى منهجية الوالد المؤسس في التعامل مع أبناء الوطن، حيث عبر بيان الحكومة عن ذلك صراحة بالقول إن "قبول الآخر أساس لرؤية حضارية ومعاصرة تنتهجها دولة الامارات في التصدي لهذا التحدي"، ناهيك عن أن هذا التوجه قد يشجعّ مرشحي "الوطني الاتحادي" لطرح تلك الاشكاليات في برامجهم الانتخابية والذي سيسهم في ضبط ايقاع التعاطي الحكومي مع أصحاب الرأي الآخر.
فهل ستشهد الدولة انفراجة حقيقية، تتمثل في اطلاق سراح معتقلي الرأي، وهل سيكون بيان الحكومة الأساس الذي ستستند عليه للبدء في منهجها لعلاج الأزمة مع الاصلاحيين في الدولة، لربما هذا ما ستكشفه التحركات القادمة على الأرض، وتختبر سلوك الدولة وجهازها الأمني للتعامل مع أبناء الوطن.