فجر قيام قناة أبوظبي دبلجة مسلسل إسباني تاريخي يمجد حقبة محاكم التفتيش في الأندلس ضد المسلمين وغيرهم، غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين استنكروا عرض القناة لهذا المسلسل مطالبين الجمهور العربي بمقاطعته.
ونشر مغردون ومدونون على الفيس بوك وتوتير معلومات حول المسلسل الذي يقوم على دبلجته "فنانون سوريون" لعرضه في قناة أبوظبي. مسلسل "إيزابيلا" الإسباني هو إنتاج درامي تاريخي حديث، يُعرض في إسبانيا منذ بضعة شهور.
وأكدت المعلومات المتاحة حول هذا العمل الدرامي أن ملايين الدولارات أنفقت عليه، بهدف تحسين صورة الملِكين القشتاليين الذين "استوليا" على مدينة غرناطة بعد أن عاهدا ملكها على عدم المساس بالمسلمين واحترام وجودهم وحريتهم الدينية ووبنائهم الاجتماعي وسلامتهم وأمنهم، إلا أنهما تنكرا لوعودهما، مفسحين المجال "لمحاكم التفتيش" وفق الحقائق التاريخية التي وثقها مؤرخون أوروبيون ومسلمون.
وقد سمح قيام محاكم التفتيش التي استهدفت كل ما هو ليس مسحيي، وجود إحدى أكبر حروب "التطهير الديني والعرقي" التي شهدها العالم ضد شعب من الشعوب، تم فيها اجتثاث الإسلام دينا وحضارة وبشراً، ليس من أرض شبه الجزيرة الإيبرية فحسب ، بل من تاريخها وذاكرة شعوبها.
وتساءل متابعون إن كان المسلسل موجه لجمهور إسباني ويهدف إلى "تزوير وتحريف" التاريخ في نفوس وعقول وضمائر الشعب الإسباني المعاصر اليوم، فما الذي تهدف إليه قناة أبوظبي لعرضه للجمهور العربي.
واستذكر المدونون دبلجة قناة أبوظبي للمسلسل التركي "حريم السلطان" الذي اجتزأ من تاريخ الدولة العثمانية بعض محطات عابرة ليظهر عجز وضعف الخلفاء المسلمين. وتراوحت تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي بين الغضب والاستنكار وبين مقاطعة المسلسل الإسباني ومخاطبة القناة لتتوقف عن دبلجته وعرضه.
ولم يستغرب مراقبون لجوء قناة أبوظبي لدبلجة هذا المسلسل، طارحين توجهات أبوظبي الإعلامية والدينية الأخيرة والتي تحاول أن تنشر خطاب التواصل الإنساني "غير المتوازن" حسب وجهة نظر المراقبين، الذين أشادوا في نفس الوقت بالانفتاح على الحضارات الأخرى ولكن ليس من موقع التقليد خاصة أن الحضارة العربية الراهنة ضعيفة مقارنة بالحضارات الأخرى وهو ما يعني تقليد الضعيف للقوي وفق قوانين علم الاجتماع.
واستذكر بعض المراقبين المفارقة الواضحة في الإعلام الإماراتي بين دبلجة هذا المسلسل الذي يبرئ تلك الحقبة التاريخية من محاكم التفتيش التي أبادت المسلمين، وبين الحملة التي يشنها هذا الإعلام على تركيا في الفترة الأخيرة واتهامها بـ"إبادة الأرمن" واستخدام مصطلح "إبادة" لوصف مرحلة تاريخية يكتنفها الضباب وأصابت المسلمين والأرمن وسائر شعوب وقوميات تلك المرحلة على حد سواء.