علي أبو الريش
أنْ تقوم مدرسة بحرمان طالب من متابعة الدراسة بسبب عدم تسديد ولي أمره الرسوم الدراسية، أمر مفزع ويؤكد أن بعض المدارس الخاصة تتعامل مع الطلاب كزبون بقالات الأرصفة، وتفهم التعليم كوسيلة ربح تجارية لا غير، وتنسى أنها في بلد سخر جل إمكانياته لأجل العلم ووفر السبل كافة من أجل علم نافع ينهض بالفكر ويرتفع بالأخلاق ويحرر الإنسان من تبعية الجهل والتخلف ويضيء الوطن بقناديل المتعلمين.
لا نختلف مع أحد من أنه لا بد أن تجني المدارس الخاصة ثمار جهدها وتعبها ومصاريفها، ولكن هناك أساليب حضارية يجب أن تتبع لكسب الأرباح دون المساس بالمشروعية ودون الحط من قيم العملية التعليمية ودون حرمان الإنسان من اكتساب العلم لمجرد أنه تأخر في سداد الرسوم الدراسية.. وأتصور أن المدرسة التي لا تراعي هذه القيم، وكأنها تطفئ الأنوار عن مدينة كاملة، وتحيل شوارعها وبيوتها ومؤسساتها إلى ظلام دامس لا يرى الإنسان من خلاله أخمص القدم.. ومن يتسبب في ذلك يستحق أشد الإجراءات صرامة، وهذا حق من حقوق المجتمع على أرباب المدارس الخاصة.
ومن هنا.. لا بد من تدخل وزارة التربية والمناطق التعليمية لوضع الشروط الجازمة والحازمة والحاسمة والصارمة عند ترخيص أي مدرسة لمنع مثل هذه التخرصات التي تسيء إلى الوطن وتكسر ظهر الأبناء الذين لا ذنب لهم في ذلك ولا علاقة لهم إنْ كان اآباء يفعلون ذلك إهمالاً أم عجزاً.. وإذا كانت المدرسة وهي صومعة اللعلم والفكر والوعي، تعجز من أن تتوصل إلى حل لمعضلات كهذه، فيا ترى أي دور تضطلع به المدرسة وأي مكانة يمكن أن تتبوأها في ظل النهضة العلمية والثقافية التي تشهدها البلاد تحت راية قيادة أولت الجهد الجهيد لأجل منارة علمية تسطع في سماء الإمارات، ولأجل حراك علمي وتربوي ثقافي جعل الإمارات تقف في مصاف الدول المتقدمة في مجال التعليم، والأخذ بأسباب أحدث التقنيات وأدوات العلم الحديث، ومن يتابع إنجازات الأبناء في مختلف المجالات العلمية يلمس نتائج ذلك العمل الدؤوب الذي رسخته القيادة الرشيدة.. واعتبرته من أولويات السياسة العامة للبلد.. نرجو أن يستوعب أصحاب بعض المدارس الخاصة دورهم وينضموا إلى ركب الأشجار المثمرة.