أثار تقرير بثه التلفزيون الرسمي الجزائري، هاجم فيه قادة الإمارات بعبارات نابية مثل "اللقطاء وفاقدي الشرف والأقزام"، موجة غضب واسعة بين النخب والمغردين الإماراتيين الموالين لأبوظبي، الذين ردوا بسيل من التعليقات بين الأدب الرفيع والسخرية والهجوم المضاد.
وفي أول رد رسمي غير مباشر، استشهد أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي للإمارات، ببيتين للشافعي عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، مُلمحًا أن الرد على الهجوم الجزائري ليس بأمر ضروري:
"إذا نطق السفيهُ فلا تجبهُ
فخير من إجابتهِ السُكوتُ
فإن كلَّمتهُ فرَّجت عنهُ
وإن خلَّيته كمداً يموتُ"
من جانبه، وصف الأكاديمي المثير للجدل عبدالخالق عبدالله التقرير الجزائري بأنه "مقرف وقبيح ومتوتر"، مشيرًا إلى أنه جاء بعد حوار مع مؤرخ جزائري في قناة إماراتية يُشاع اعتقاله. واختتم قائلاً: "أفضل رد على خطاب سوقي وقح هو عدم الرد والتحلي بأخلاق عيال زايد".
وتساءل: "حدّثونا عن حدودكم المغلقة مع جيرانكم.. عن مقاطعتكم للقمم العربية.. عن إعلامكم الذي يبث الكراهية".
وانضم الفريق ضاحي خلفان، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، إلى الهجوم بأسلوب وعظي، مستشهدًا بالحديث النبوي: "ليس المؤمن بالطعّان ولا اللعّان.. سوء الألفاظ من سوء الأخلاق، والمؤدب يفرض احترامه دون صراخ".
ومساء أمس الجمعة، هاجم التلفزيون الجزائري الرسمي الإمارات بضراوة، على خلفية استضافة المؤرخ الجزائري محمد الأمين بلغيث؛ الذي زعم بأن "الأمازيغية" التي تعدّ مكوّناً للهوية الوطنية وفق الدستور الجزائري "صنيعة صهيونية فرنسية".
وقال التلفزيون الجزائري في تقرير حاد، إن هناك "تصعيداً إعلامياً خطيراً" من دولة الإمارات، واصفاً إياه بأنه "يتجاوز كل الخطوط الحمراء تجاه وحدة وهوية الشعب الجزائري".
كما اعتبر التقرير أن هذا التصعيد "استهداف خطير لثوابت الشعب الجزائري العريقة، ومحاولة للتشكيك في أصولها وتاريخها العميق".
واتهم التلفزيون الجزائري الإمارات بأنها "تتحول إلى مصانع للفتنة وبث السموم الأيديولوجية مستغلة تاجر أيديولوجيا في سوق التاريخ"، في إشارة مباشرة للمؤرخ محمد الأمين بلغيث.
كما لفت إلى أن "الجزائر التي دفعت ملايين الشهداء دفاعاً عن وحدتها لا ترضخ للاستفزازات ولن تغفر المساس بثوابتها وبأسس هويتها وانتمائها"، مشدداً على أن "التحريض الإعلامي الذي يمسّ هوية الشعب الجزائري لن يمرّ دون محاسبة أخلاقية وشعبية".
كما وصف التلفزيون الجزائري "الطعن في وحدة الشعب الجزائري، بأنه ليس مجرد إساءة إعلامية بل عدوان يطال القيم والسيادة والمصير المشترك"، مبيناً أن الجزائر "ستردّ الصاع صاعين".
وكان المؤرخ الجزائري محمد الأمين بلغيث قال خلال لقاء عبر قناة "سكاي نيوز عربية" في حديثه عن الهوية الأمازيغية: "ليست هناك ثقافة. هذا مشروع أيديولوجي صهيوني فرنسي بامتياز. لا وجود لشيء اسمه أمازيغية، هناك بربر، وهم عرب قدماء وفق ما يدين به كبار المؤرخين في الشرق والغرب".
وأضاف بلغيث أن "قضية الأمازيغية تُعد -بإجماع عقلاء ليبيا والجزائر والمغرب- مشروعاً سياسياً هدفه تقويض وحدة المغرب العربي، خدمةً لمشروع فرنسي يسعى إلى فرض مغرب فرنكوفوني".
وزاد: "نحن نعود في أصولنا إلى الفينيقيين الكنعانيين، وهذا هو السرّ بيننا وبين خصومنا في الداخل والخارج".
وفي السنوات الأخيرة، عاد الجدل حول "الجذور الفينيقية" للجزائر إلى الواجهة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في إطار النقاش الهوياتي بين المؤيدين للهوية العربية والرافضين لها.
ومؤخرا عادت العلاقات إلى مربع التوتر بعد فترة هدوء نسبي، رغم اتصال الرئيسين عبد المجيد تبون وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد رئيس الدولة خلال عيد الفطر الماضي واتفاقهما على لقاء قريب.
وشهدت العلاقات بين البلدين أزمة حادة خلال السنتين الماضيتين، حيث اتهمت الجزائر أبوظبي بدعم أعمال "عدائية" في المنطقة، وتحريض دول مجاورة على التطبيع مع "إسرائيل"، ما دفع الجزائر إلى تحذيرات سياسية وإعلامية متصاعدة.
وفي يناير 2024، أعطى المجلس الأعلى للأمن في الجزائر صبغة رسمية للاتهامات بإدانة "تصرفات عدائية من بلد عربي شقيق"، ثم جاءت تصريحات الرئيس تبون في مارس 2024 باتهام الإمارات بـ"إشعال الفتنة" في مالي وليبيا والسودان.
ورغم ذلك، شهدت القمة الجانبية بين تبون ورئيس الدولة على هامش قمة مجموعة السبع في يونيو 2024 محاولة لكسر الجليد، وسط ترقب لتطور الأزمة.
اقرأ أيضاَ:
وسط أزمة دبلوماسية متصاعدة.. التلفزيون الجزائري يهاجم قادة الإمارات