كشفت دراسة أمريكية أن أبناء النساء اللائي كنَّ زائدات في الوزن أو بدينات أثناء حملهن أكثر عرضة للإصابة بسرطان الأمعاء في مرحلة متقدمة من الحياة؛ الأمر الذي اعتبرته يضاعف العبء العالمي لمكافحة هذا النوع من السرطان بنسبة 60% إلى أكثر من 2.2 مليون تشخيص جديد و1.1 مليون حالة وفاة بحلول عام 2030، وذلك طبقاً لما أوردته صحيفة The Guardian البريطانية.
وأكدت هذه الدراسة، التي أجراها معهد الصحة العامة في أوكلاند، بولاية كاليفورنيا، ونُشرت في مجلة Gut العلمية، أن الأبناء البالغين للسيدات البدينات أكثر عرضة لسرطان الأمعاء بمرتين ونصف من مواليد السيدات ذوات الأوزان الصحية أو كن نحيفات خلال فترة الحمل، ويرتفع الخطر بدرجة طفيفة لمواليد النساء اللائي كن زائدات في الوزن أثناء الحمل على وجه الخصوص.
وكانت دراسات علمية سابقة قد ربطت بدانة النساء بمشكلات صحية يصاب بها أبناؤهن، إذ تشير بعض هذه الدراسات إلى أن النساء الزائدات في الوزن أكثر عرضة لإنجاب طفل مصاب بعيوب خلقية خطيرة.
من جهتهم، قال الباحثون في الدراسة الحالية إن هذه النتائج قد تساعد في تفسير سبب ارتفاع معدل الإصابة بسرطان الأمعاء بين صغار السن في أوروبا وبعض المناطق المتقدمة الأخرى، مضيفين: "بالنظر إلى الاتجاهات السكانية في سمنة الأمهات، التي تضاعفت في انتشارها بنحو ست مرات منذ الستينيات، فقد نشهد زيادة في حالات سرطان الأمعاء بين الأعمار المبكرة لعقود مقبلة".
فيما شرح الباحثون كيف أنهم حللوا البيانات التي جمعوها عن النساء اللائي تلقين رعاية ما قبل الولادة بين عامي 1959 و1966 في أوكلاند بولاية كاليفورنيا، والمعلومات التي حصلوا عليها من ملفاتهن الطبية في الأشهر الستة التي سبقت الحمل وحتى الإنجاب.
ثم حلل الفريق البحثي صحة ما يزيد على 18 ألفاً من الأبناء حتى عام 2019، وحالات إصابتهم بسرطان الأمعاء فور بلوغهم.
في حين كشفت النتائج أن 68 من الأبناء أصيبوا بسرطان الأمعاء وهم بالغون، وجاءت نصف الإصابات قبل بلوغ الفرد 50 عاماً. وحوالي 20% ممن أصيبوا بسرطان الأمعاء كان لديهم تاريخ عائلي في الإصابة بالمرض.
كما وجد الباحثون، بعد أخذهم العرق والمجموعة الإثنية في الاعتبار، أن التأثيرات في الرحم قد يكون لها دور في خطر الإصابة بسرطان الأمعاء؛ فالعناصر الغذائية التي تستقبلها الرحم قد تؤدي إلى تغييرات دائمة في تنظيم الشهية، والتمثيل الغذائي، وهيكل ووظيفة دهون الجسم.
الباحثون أشاروا أيضاً إلى أن سمنة الأمهات ارتبطت في دراسات سابقة بتغيرات تؤثر على العديد من الجينات المشاركة في التمثيل الغذائي للطاقة في الطفل، منوهين إلى أن التعرض للإنسولين الزائد أو ارتفاع مستويات الغلوكوز لدى الأمهات قد يكون له تأثير.
ووفقاً لمؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، تسبّب زيادة الوزن أو السِّمنة زيادة من خطر الإصابة بسرطان الأمعاء، حيث تسببان ما يقدر بنحو 11% من الحالات. ووجدت بعض الدراسات أن أبناء الآباء البدينين أكثر عرضة للإصابة بالسمنة من الأبناء الآخرين.
وتعقيباً على نتائج الدراسة، يرى البروفيسور كيث جونفري من جامعة ساوث إمبتون البريطانية، غير المشارك في الدراسة، أن ثمة الكثير من عوامل أسلوب حياة الأشخاص المصابين بالسرطان والجينات الخاصة بهم يجب احتسابها قبل الحكم بعلاقة بدانة الأم الحامل بإصابة مولودها بسرطان الأمعاء في وقت لاحق من عمره.