أربعة شهور مرت على إعلان عام 2017 عام الخير في دولة الإمارات، وتشكيل اللجنة الوطنية لعام الخير، التي تضم في عضويتها خمسة وزراء من الحكومة الاتحادية، إضافة إلى أمناء المجالس التنفيذية في الإمارات المحلية، فما الذي تحقق من أهداف عام الخير وانعكاسه على حياة مواطني الدولة.
أكثر من 1400 مبادرة أعلن عنها من مختلف الإمارات ضمن فعاليات عام الخير لكنها تنتظر التطبيق على أرض الواقع بما ينعكس إيجاباً على حال مواطني الدولة، منها 247 مبادرة في أبو ظبي و 375 مبادرة في دبي، و 337 مبادرة في رأس الخيمة و 188 مبادرة في الفجيرة، كما يضاف إلى ذلك إعلان الهلال الأحمر عن تنفيذ برامج مساعدات خيرية في كردستان العراق والصومال وغيرها من الدول.
ارتفاع الأسعار والرسوم
وبالنظر إلى ما صدر من قرارات حكومية خلال الشهور الأربعة الأولى من عام الخير يلاحظ ارتفاع في معدلات الاسعار والرسوم بما ينعكس سلباً على حياة المواطنين، حيث شهد العام الحالي رفع أسعار الوقود خلال الشهور الثلاثة الأولى في حين تم خفضها مطلع شهر إبريل، في حين أعلنت “أدنوك للتوزيع“، عن ارتفاع جديد في أسعار إعادة تعبئة اسطوانات الغاز في جميع محطاتها بدولة الامارات، في وقت قررت فيه الدولة تخفيض قيمة المكافآت المالية للمجندين في الخدمة الوطنية "التجنيد الإجباري".
كما سمحت لشركات التأمين في الدولة بزيادة أسعار التأمين على السيارات، بدعوى أن "بعض شركات التأمين تتعرض للخسائر"، إضافة إلى الإعلان عن توجه الإمارات لفرض ضريبة 5% للقيمة المضافة مطلع العام القادم 2018، على كافة القطاعات، تماشياً مع قرارا خليجي، في حين أعلنت هيئة أبوظبي للإسكان، أنها سوف تخصم من 20% إلى 25% من دخل المواطن، لسداد قسط قروض المساكن مما يشكل عائقاً أمام ذوي الدخل المحدود من الاستفادة من هذه القروض، مع تشديد شروط وإجراءات صرف منح الزواج لعم 2017 دون زيادة المخصصات لهذه بحيث تصرف منحة مالية للزواج مقدارها 70 ألف درهم دفعة واحدة.
التراجع في الخدمات
كما شهد قطاع الصحة تراجعاً في مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين حيث أكدت وزارة الصحة ووقاية المجتمع أن موازنتها المخصصة لعام 2017 غير مدرج فيها أي مخصصات لتطبيق نظام التأمين الصحي للمواطنين، كما بدأت وزارة الصحة الشهر الماضي ، تطبيق قرار مجلس الوزراء بشأن الأسعار الجديدة المرتفعة لنحو 337 خدمة موزعة على 25 مجموعة خدمية رئيسة.
وصدر قرار باستحداث وتعديل بعض رسوم الخدمات التي تستوفيها وزارة الاقتصاد نظير خدمات تقدمها، من خلال إضافة رسوم تتراوح بين 55 دولارا حتى 16 ألف دولار، وفقا لنوع الخدمات الاقتصادية المطلوبة من جانب الأفراد والشركات، فيما يبلغ عدد الخدمات التي تم تعديل رسومها نحو 20 خدمة اقتصادية.
حقوق الإنسان
ومفهوم الخير لا يقتصر على المفهوم الاقتصادي، بل يتعداه ليشمل تحقيق كرامة المواطن وحريته فيما أن واقع حقوق الإنسان في الدولة يسير في اتجاه معاكس تماماً، إذ سجلت الشهور الأربعة الاولى من عام الخير انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان عبر صدور أحكام بالسجن بحق ناشطين سياسيين وحقوقيين وتنفيذ حملة اعتقالات بحق عدد منهم لأنهم عبروا عن آرائهم فيما يتعلق بواقع الحريات او بالسياسة الخارجية للدولة وانتقاد حلفاءها، إذ لم تستثني هذه الاعتقالات شخصيات مثل الاكاديمي عبدالخالق عبدالله الذي كان يوصف على أنه المستشار السياسي لقادة سياسيين في أبوظبي.
وشهد شهر مارس الماضي "مجزرة" حقوقية تمثلت بصدور حكم بالسجن لمدة 10 سنوات على عالم الاقتصاد الإماراتي الدكتور ناصر بن غيث، وصدور حكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات على الصحفي الأردني تيسير النجار، ورفض الإفراج عن المدون الإماراتي أسامة النجار رغم انتهاء ترة توقيفه، واعتقال الناشط الحقوقي احمد منصور، إذ كانت جميع قضاياهم تتعلق بحرية الرأي والتعبير.
الخير المطلوب
لذا فالخير الذي ينتظره الإماراتيون يتمثل بترسيخ حقوق الإنسان لا سيما حرية الرأي والتعبير وتحقيق العدالة ووقف أي انتهاكات تطال المواطنين ووقف الاعتقال التعسفي للناشطين الحقوقيين، والخير الذي ينتظره المواطنون يتحقق بتحسن الاقتصاد وتحقيق العيش الكريم لمواطني الدولة وتوفير سبل العيش من سكن وتعليم وصحة ورعاية اجتماعية وفرص عمل للمواطنين، كما أن مواطني الدولة أولى بالاستفادة من نتائج عام الخير من استمرار الإنفاق على مساعدات خارجية " مسيسة" تستخدم في غالبها ضمن معارك شراء النفوذ والولاء السياسي لتنفيذ اجندة الإمارات في الخارج، ما يتطلب وضع استراتيجية وطنية قائمة على احترام المواطن وتحقيق كرامته وحريته ورفاهيته وتعزيز دوره في بناء الدولة ونهضتها.