ألغى البرلمان الفرنسي حفلا تكريميا للمفكر الأمريكي نعوم تشومسكي، بعدما كان من المقرر أن يتسلم ميدالية من جمعية تعنى بالفكر والفلسفة تدعى «المجتمع الدولي للفلسفة» وكان الحفل سينظم داخل قبة الجمعية الوطنية (البرلمان).
وأعرب مدير المجلة الأكاديمي فلوران مونتاكلير عن استغرابه وخيبته من قرار الإلغاء قائلا «لا أفهم لماذا تم إلغاء الحفل بهذه الطريقة. كان على الجمعية الوطنية أن تخبرني في الوقت المناسب على الأقل لنتدبر أمرنا».
وأضاف مونتاكلير «أعتقد أن الجمعية الوطنية لا تريد إعطاء المجال لشخص معروف بانتقاده للسياسيين». هذا واضطرت المجلة تسليم الميدلية للمفكر الأمريكي في مركز «الوالون» في باريس، وألقى خلال الحفل نعوم تشومسكس محاضرة حول «الأزمات في عالمنا المعاصر».
وعبر عدد من الإعلاميين والنشطاء السياسيين عن استهجانهم للقرار وقال المدير السابق لجريدة لوموند ومدير موقع ميديا بارت إدوي بلينيل إن قرار الإلغاء يعتبر «انتكاسة فرنسية مشينة»، فيما وصف مدير «مراسلون بلا حدود» كريتوف ديلوار قرار الالغاء ب»الصدمة الكبيرة».
كما أوضح برينو لورو رئيس فريق الاشتراكيين في البرلمان الفرنسي أن الحفل كان مقررا منذ مدة، وكان رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية كلود بارتولون، سيشارك في الحفل إلا أنه بعد مشاورات، ارتأى بارتولون إلغاء التكريم «خوفا من الجدل التي قد يثير حضور تشومسكي في قبة البرلمان بسبب آرائه وأفكاره»، وأضاف لورو» في السنوات الأخيرة، تبنى تشومسكي تصريحات مثيرة للجدل حول بن لادن… وحول نظريات المؤامرة، وإنكاره للمحرقة. كلها تصريحات لا يمكن للحزب الاشتراكي الدفاع عنها بأي شكل من الأشكال».
إلا أن محيط رئيس البرلمان كلود بارتلون، نفى أن يكون هو من يقف وراء إلغاء الحفل وحمل المسؤولية للفريق الاشتراكي في البرلمان.
يشار إلى أن القانون الفرنسي يجرم إنكار المحرقة بحق اليهود، ويعاقب بالسجن والغرامة كل من يرفض الاعتراف ب «الهولوكوست» أو من تبنى «نظريات المؤامرة». وكل من جرب الخوض في هذه المواضيع التي لا تزال تعتبر من التابوهات، تمت محاكمته أمام القضاء، وكان من بينهم العديد من الأكاديميين الفرنسيين، مثل المؤرخ روبير فرويسون، الذي نفى الأرقام الرسمية حول المحرقة، وتمت ملاحقته قضائيا وحوكم عدة مرات بالسجن والغرامة المالية. كما تمت محاكمة زعيم ومؤسس حزب اليمين المتطرف جان ماري لوبن عندما صرح أن «المحرقة تعتبر من التفاصيل» الثانوية مقارنة بكل ما حدث أثناء الحرب العالمية الثانية.
يذكر أن جمعية «المجتمع الدولي للفلسفة» ومقرها في باريس، تسلم «ميدالية ذهبية» كل خمس سنوات للمفكرين الذين قدموا أعمالا أكاديمية جليلة في مجالي الفلسفة واللسانيات.