مع التقدم السريع الذي يحققه «الجيش السوري الحر» في مناطق سيطرة الوحدات الكردية غرب نهر الفرات بغطاء جوي ومدفعي تركي مكثف، طفت على السطح بوادر خلاف أمريكي تركي جديد بعد تأكيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومسؤولين أتراك كبار أن «اقتلاع جذور» وحدات حماية الشعب الكردية ضمن أبرز أهداف العملية العسكرية المتواصلة لليوم السابع في شمال سوريا.
وأعربت واشنطن عن «قلقها الشديد» إزاء المعارك بين الجيش التركي والوحدات الكردية في شمال سوريا واعتبرتها «غير مقبولة»، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية. وقال المتحدث باسم الوزارة بيتر كوك في بيان: «واشنطن تتابع الأنباء عن اشتباكات جنوب جرابلس (شمال)، وحيث تنظيم الدولة الإسلامية لم يعد موجوداً، بين القوات التركية وبعض الفصائل المعارضة من جهة ووحدات منضوية في قوات سوريا الديمقراطية»، مضيفاً: «نريد أن نوضح أننا نعتبر هذه الاشتباكات غير مقبولة وتشكل مصدر قلق شديد».
وأكدت الوزارة أن «لا ضلوع للولايات المتحدة» في الاشتباكات كما «لم يتم التنسيق مع القوات الأمريكية في شأنها، ونحن لا ندعمها»، داعية الأطراف المعنية «إلى وقف كافة الأعمال المسلحة في هذه المنطقة (…) وفتح قنوات تواصل في ما بينها».
وواصلت المدفعية التركية توجيه ضربات متلاحقة ضد مناطق سيطرة الوحدات الكردية، بعد يوم واحد من مقتل عشرات المقاتلين التابعين لوحدات حماية الشعب الكردية التي تبعت استهداف دبابتين للجيش التركي، مساء السبت، أدت إلى مقتل جندي وإصابة 3 آخرين بحسب اعتراف الجيش التركي.
وأمس، قالت مصادر سورية إن «الجيش الحر» تمكن من تحرير قرى جديدة، بعد يوم واحد من السيطرة على 10 قرى في محيط مدينة جرابلس و3 قرى أخرى في محيط بلدة (الراعي)، وهي: عمارنة، وعين البيضاء، ودابس، وبالبان، وصريصات، وبئر الكوسا، وقرة مغارة، والظاهرية، وخربة، وقراطة، والعياشة، وشيخ يعقوب، وكرسنلي.
وأكد أردوغان على عدم سماح بلاده لأي «منظمة إرهابية» بالقيام بفعاليات داخل الحدود التركية أو بالقرب منها، وذلك في خطاب له في مدينة غازي عنتاب على الحدود مع سوريا هدد فيه بالقول «نحن موجودون في جرابلس السورية وبعشيقة العراقية، وإن استدعى الأمر فسنقوم بما يجب في باقي المناطق، إننا عازمون على دحر تنظيم «ب ي د» أيضاً، واقتلاع جذوره من سوريا».
وجدد نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتلموش، أمس التأكيد على أن أحد أبرز أهداف عملية «درع الفرات» هو «منع إقامة ممر كردي ممتد من العراق»، قائلاً: «هدف العملية هو تطهير المنطقة من إرهابيي تنظيم الدولة ومنع وحدات حماية الشعب الكردي من إقامة ممر متصل.. إذا حدث ذلك فانه يعني أن سوريا أصبحت مقسمة».
وفي السياق ذاته، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إنّ الوحدات الكردية ستكون مٌستهدفة في حال لم تنسحب بأسرع وقت إلى شرق نهر الفرات في سوريا، عملاً بالوعود الأمريكية، وإعلان التنظيم الانسحاب في وقت سابق. وأضاف: «كنّا نشدد منذ سنين على عدم إمكانية التغلب على تنظيم داعش، من خلال الاكتفاء بالغارات الجوية، فمن خلال العمليات البرية الفعّالة يمكننا تطهير سوريا والعراق من هذا التنظيم الإرهابي، وبغضّ النظر عن الدول الـ 65 المشاركة في التحالف الدولي، فلو قررت 5 أو 6 دول التحرك برياً لما بقي هذا التنظيم حتى اليوم في هاتين الدولتين».
وتابع جاويش أوغلو: «المنطقة التي نطلق عليها اسم (جيب منبج) التي تشهد حالياً اشتباكات، يقطنها غالبية من العرب، ومعظم أفراد الفصائل التي تدعمها تركيا هم من أبناء تلك المنطقة، ويجب إعادة السكان الأصليين الذين أُجبروا على الرحيل إلى هذه المنطقة، لكن تنظيم (ي ب ك/ب ي د) لا يهدف لهذا، بل يعمل على تهجير عرقي».
ومن المقرر أن يلتقي الرئيس التركي أردوغان بالرئيس الأمريكي الأحد القادم في الصين على هامش قمة العشرين في أول لقاء بعد فشل الانقلاب على الرئيس أردوغان في منتصف يوليو الماضي وبعد انطلاق "درع الفرات".