تطورات تشهدها الساحة الليبية تصب كلها في صالح انهيار نموذج حفتر وفق ما ترى صحيفة "القدس العربي" اللندنية. فبعد أن قالت مصادر لـ"هافينغتون بوست عربي" إن أبوظبي والقاهرة تضغطان على اللواء المنشق خليفة حفتر للقضاء على ثوار بني غازي خلال شهر واحد فقط، لمنع الإحراج الذي يسببه لهم دعم مليشيات ليبية خارجة عن سلطة الحكومة الشرعية في طرابلس، إلى إعلان مصادر عسكرية أن القوات الفرنسية المعتدية على بنغازي وتساعد مليشيات حفتر قد انسحبت من المدينة قبل 3 أيام وذلك بعد رفض حكومة الوفاق التدخل الفرنسي.
وأكدت المصادر انسحاب هذه القوات التي كشف وجودها مقتل 3 منها مؤخرا وعدم قدرة باريس على إنكار تدخلها في ليبيا. وقد تزامن ذلك أيضا، مع نشر قوات أمريكية تقاتل تنظيم الدولة في سرت إلى جانب حكومة الوفاق وليس إلى جانب المليشيات المتمردة بقيادة حفتر.
الصحيفة اللندنية، قالت "الوجود العسكري الفرنسي كان مثار نقد شديد من حكومة الوفاق الوطني التي اعتبرته «تدخّلا سافرا» واستدعت السفير الفرنسي في طرابلس، كما أنه جاء بعد مقتل ثلاثة من الجنود الفرنسيين خلال تحطّم مروحيتهم في بنغازي".
وتابعت، وقد أظهر بيان صادر عن ست حكومات غربية (الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وألمانيا واسبانيا) يدعو لوضع كافة منشآت الطاقة في ليبيا تحت سيطرة حكومة الوفاق، الاتجاه العام الذي تتجه إليه ليبيا، وذلك بعد توترات حول من هي الجهة المخوّلة إدارة ميناء الزويتينة النفطي بين الجيش التابع للحكومة وحرس المنشآت النفطية، لعبت تصريحات لخليفة حفتر دوراً في تأجيجه.
وأشارت القدس العربي، "حتى السكون الذي يهيمن على رعاة ظاهرة خليفة حفتر الإقليميين، وبالخصوص الجارة الكبرى مصر، تم خرقه بإعلان القاهرة ترحيبها بإعلان واشنطن بدء غاراتها العسكرية على تنظيم «الدولة الإسلامية» في سرت، وسواء كان هذا الموقف شكليّاً ودبلوماسيّاً محضاً، فإنه يعبّر في الحقيقة عن عدم قدرة القاهرة على مقاومة قرار أمريكيّ مدعوم غربيّاً، وجلّ ما يمكن للسلطات الراعية المصريّة للظاهرة الحفترية هو إعلان اعتراضها بطرق غير معلنة".
ورأت الصحيفة، "قدرات مصر على عرقلة عودة حكومة ليبية مركزيّة من خلال استخدام ورقة خليفة حفتر تراجعت كثيراً بسبب تخبّط الحكومة المصرية نفسها في مشكلاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية العميقة، وبعد فقدان تأثير الجرعات الماليّة الخليجية نراها الآن في وضعية المستجدي لقرض من صندوق النقد الدولي بغض النظر عن التكاليف الاجتماعية والاقتصادية لهذا القرض".
واكدت الصحيفة، "وكي لا نخسف «الوفاق» حقّها فإن ما يحصل من تطوّرات يتعلّق أيضاً بجدّية هذه الحكومة في استخدام مواردها السياسية والعسكرية لمحاربة ظاهرة «الدولة الإسلامية» وقد كلّفها ذلك مئات القتلى والجرحى في الوقت الذي كان فيه حفتر مشغولاً بالتحشيد لشقّ الصفوف والدعاية للحلّ الاستئصالي على الطريقة المصرية".
وختمت، "انتهاء صلاحيّة ظاهرة حفتر سيكون مناسبة سعيدة لانتهاء ذيول هذه الظاهرة في أكثر من بلد عربيّ، وعدّاً عكسيّاً لمجتمعات قادرة على نبذ التطرّف وخلق تسويات سياسية حقيقية".