هب البراد وزانت النفسية ** الجو روعة والمشاعر حية
والغيم غطى الديرة السحرية ** وجادت لك الأبيات يا مغنيها
أبيات من الشعر الشعبي ينظمها هواة الفن في دول الخليج على شكل قصائد، لتشكل فناً فريداً من نوعه يعرف بـ"الشيلات" الخليجية، توارثته الأجيال تباعاً، حيث يخاطب فيها أحياناً عموم الشعب، الحبيب (في حال كانت رومانسية)، زعيم القبيلة، الأمير، الملك أو حتى رجال السياسة في الدولة مؤخراً، لا سيما عقب إطلاق "عاصفة الحزم" والتحالف العربي ضد مليشيات الحوثي للوقوف أمام التمدد الإيراني في المنطقة.
منذ زمن، ليس مستغرقاً في البعد تماماً، ظهرت "الشيلات"، وهي فن وموروث شعبي قديم، أساسه التغني بالشعر الشعبي أحياناً والفصيح في أحيان أخرى، يستخدم للركوب على ظهور الإبل، وإثارة الحماس أثناء المعارك، ولكنه استحضر حديثاً عبر حفلات الزفاف والأعراس والمناسبات، فضلاً عن القنوات الشعبية، في حين غدا مؤدوه ومنشدوه من المشاهير، لتُنشأ سوق في الخليج وتتنافس في إنتاجه كبرى مؤسسات الإنتاج الخليجية، وتقدر تكاليف إنتاج الواحد منها بأكثر من 11 ألف دولار.
وبحسب منتجي هذا الفن ومؤلفيه، فإن لـ"الشيلات" أكثر من 14 نوعاً أشهرها: الهجيني والمسحوب، واكتسب شهرته من المناسبات والأعراس؛ فالأهل يحرصون على وجود شيلة في زفاف ابنهم أو ابنتهم، تجمع بين الشعر الموزون ذي المعنى العميق واللحن القوي، ما يضفي متعة على الحاضرين، كما يقوم على عدم استخدام الآلات الموسيقية، وفي المقابل، يلجأ بعض المصممين، وحتى بعض شركات الإنتاج الفني، إلى إنتاج "شيلات" بقصائد رغم وجود حقوق الملكية الفكرية لناظم القصيدة.
ففي السابق، لم يكن هناك فصل واضح بين التغني بالشعر وتراث الشيلة عموماً، أما في الوقت الحاضر، فقد سوِّق للشيلات على أنها خالية من الموسيقى بخلوها من الآلات ليكتفي منتجوها بألحان تصحبها إيقاعات موسيقية رقمية، في حين يعيبها في بعض الأحيان الادعاء بأن قصيدة الشيلة "فولكورية"، ليتضح لاحقاً بعد فحص وتحليل أنها قصيدة معاصرة، لم يمض على إلقائها 20 عاماً أو أقل، بحسب مختصين في هذا الفن.
الشاب رائد العتيبي، أحد مصممي الشيلات، يصف حال بعض المنشدين بأنه "بعيداً عن نشرهم ثقافة الاعتداد بالنفس والمفاخرة المبالغ فيها، فإن بعض المنشدين يدرجون ألحان بعض الملحنين الموسيقيين المعروفين، ويركبونها على كلمات القصيدة بتصرف، بل حتى يستخدمون الدف، وهي مسألة يشوبها كثير من اجتهادات الفقهاء، لتصبح الشيلة غلافاً لأغنية ولكن بصبغة إسلامية"، على حد وصفه.
ويقول العتيبي لصحيفة "الاقتصادية" السعودية: "لا شك أن للشيلات ميزاتها وطلابها، بشرط ألّا تتعدى على حقوق أحد، سواء مادية أو فكرية، خاصة فيما يتعلق بالقصائد، أسهل ما يمكن سرقته"، مضيفاً: إنه "على مصمم الشيلة أو المنشد الاستئذان من الشاعر قبل إنشاد قصيدته، وإن كان متوفى؛ فالأصح أن يتم الاستئذان من ذويه وعائلته، أو ترك القصيدة وهو الأفضل في رأيي".
ويختلف رأي بعض مصممي "الشيلات" مع العتيبي بخصوص الحقوق لهذا الفن، حيث يرى البعض أن حقوق الملكية الفكرية غير محفوظة على الإطلاق في هذا الوسط، نافياً أن تكون وزارة الثقافة والإعلام منعت "الشيلات"، بعد انتشار شائعات سابقاً بوقف هذا الفن في المملكة العربية السعودية.