كشفت بيانات حديثة صادرة عن برنامج الإمارات لتطوير الكوادر الوطنية (كوادر)، عن تراجع فرص توظيف المواطنين في الدولة لدى القطاع الخاص بنسبة تصل إلى 30%، منذ مطلع العام الجاري، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، ما عزاه مسؤولون وخبراء في تدريب وتوظيف الكوادر المواطنة إلى «تخوف مؤسسات في القطاع الخاص من التوسع في تعيينات جديدة، بدواعي ترشيد الإنفاق، ضمن خطط تحوطية وعمليات تقشف».
,روى مواطنون كانوا يعملون في مؤسسات بالقطاع الخاص، قصصاً اعتبروها «مخيبة للآمال»، عاش بعضهم أشهراً من الإنكار وعدم الثقة بمؤسسات خاصة، أغرتهم للعمل لديها في البداية، ثم تخلت عنهم مع أول أزمة واجهتها.
وحمّل معنيون بتطوير الموارد البشرية، إدارات وأقسام للموارد البشرية لدى شركات في القطاع الخاص، مسؤولية الإسهام في التخلي عن مواطنين موظفين لديها، إذ «لا يتعدى الأمر من قبل مسؤولي الموارد البشرية تعبئة نموذج خروج موظف من العمل، حيث يتعاملون مع الأمر من منطلق إجراء روتيني ينتهي بلقاء مع الموظف ويوقع على النموذج، ويترك العمل، دون عروض جدية تثبت له أن الشركة ترغب فعلياً في الاحتفاظ به».
وتبدأ المشكلة عند المواطن (ن.ز)، الذي حصل مؤهل جامعي من الولايات المتحدة الأميركية في العام 1998، وخاض تجربة العمل في قطاع الاتصالات في الدولة لفترة تناهز الخمس سنوات، بعدها حالفه الحظ في الحصول على وظيفة لدى بنك خاص في الدولة، بعد أن شجعته أسرته على العمل في هذا القطاع (كون الأسرة تحفل بالكوادر المصرفية)، وشجعه ذلك على الحصول على دبلوم عال في الدراسات المصرفية من الدولة.
وأضاف: «عملت لدى البنك، واكتسبت خبرة تزيد على خمس سنوات، وأثبت وجودي بعد أن بدأت في العمل بقسم المبيعات، وساعدني الاحتكاك بالكوادر الأجنبية في البنك على الحصول على خبرات مكثفة، أهّلتني للالتحاق بعمل آخر في بنك إقليمي يعمل في الدولة، وخلال ثماني سنوات تدرجت وظيفياً بين مدير فرع إلى مدير إقليمي، وطلبت مني إدارة البنك افتتاح فروع أخرى، وإجراء توسعات، وشُهد لي بالكفاءة».
وتابع: «فجأة، طلبت مني إدارة البنك تقديم استقالتي، على خلفية أزمة مالية تعرض لها البنك، بسبب قطاع تمويل الشركات، رغم أنني كنت أعمل في قطاع تمويل الأفراد، كما طلبت إدارة البنك عدم التقدم بشكوى ضدها في وزارة الموارد البشرية والتوطين، وأدبياً لم أتقدم بتلك الشكوى، والآن أجلس في المنزل بلا عمل منذ نحو 10 أشهر، في حين كنت في وقت من الأوقات أصغر مدير فرع مواطن في الإمارات».
ولفت إلى أن «بعض البنوك تستغرب سبب تركي العمل السابق، بعد أن كنت مديراً إقليمياً، في وقت يوظف فيه البنك نفسه موظفين جدداً من المقيمين، ما يمكن تفسيره بأن البنك يوظف موظفين أقل في التكلفة الإجمالية، ويعكس ذلك حالة من عدم الارتياح النفسي لدى المواطنين في قدرتهم على خوض تجارب عمل جديدة في القطاع الخاص».
والقصة الثانية لمواطنة (م.ب)، تعمل أيضاً في قطاع البنوك، قالت إن «أزمة مالية مر بها البنك تسببت في التخلي عن مواطنين، رغم أن الأزمة لم نكن متسببين فيها، ومع ذلك استغنى البنك عن خدماتي ومواطنَين اثنين آخرين، بدعوى أن رواتبنا مرتفعة، وكان أحد هذين المواطنين يدير فروع البنك كاملة في إحدى الإمارات».
وأضافت: «سأتوجه للبحث عن عمل في القطاع الحكومي، سعياً إلى الأمان والاستقرار الوظيفي، فالتخلي عن موظف بسبب أخطاء إدارية ليس له دخل فيها يُعد ظلماً».
ولم تختلف قصة المواطن (ح.ع)، كثيراً عن سابقيه، إذ يملك خبرة تتجاوز 18 عاماً في بنك، وكان مديراً على فروع إمارة الشارقة، وانتقل إلى بنك آخر إقليمي ليدير فروع الشارقة والمناطق الشمالية، وفجأة استدعته إدارة البنك لتبلغه بإنهاء خدماته، وطلبت منه أن يتقدم باستقالته.