عقد مجلس العموم البريطاني الثلاثاء (22|3) في لندن، اجتماعا لمناقشة مستقبل الديمقراطية في دولة الإمارات بعد خمس سنوات من توجيه ناشطين إماراتيين عريضة الثالث من مارس 2011 .
واستضاف مجلس العموم، كلا من الناشط الإماراتي أحمد الشيبة النعيمي، و أنس التكريتي و روري دوناجي، وكورتني فرير الذين تحدثوا في الاجتماع وقدموا تحليلهم ورؤيتهم للأحداث التي قادت إلى توجيه العريضة وتداعياتها التي ترتبت على الناشطين الإماراتيين وناشطي المنطقة العربية والخليجية عموما، إذ كان لها تأثير واسع على المنطقة.
موقنون بأن الديمقراطية ستتحقق
في تلخيصه، قال الإعلامي و الناشط الإماراتي أحمد النعيمي، إن الناشطين واثقون من أنه لا يمكن لأحد أن يقتل أصواتهم، وأنهم موقنون بأن الديمقراطية سوف تتحقق.
و أضاف أنه في عام 2011 قدم نشطاء إماراتيون عريضة تدعو لانتخاب المجلس الوطني الاتحادي وتعزيز استقلال القضاء، وقد لقيت العريضة رد فعل عدائي من جانب السلطات وشنت بموجبها حملة أمنية وقمعية مكثفة على الناشطين. فألقت السلطات القبض على النشطاء واحتجزوا في الاختفاء القسري - ثم خضعوا لمحاكمات جماعية في القضية المعروفة ال"94" في يوليو 2013، وأعلنت الأمم المتحدة أن هذه المحاكمة جائرة، ودعت إلى إطلاق سراح السجناء السياسيين. ورغم دعوات الأمم المتحدة، إلا أنه حُكم على الناشطين بأحكام جائرة بلغت إلى السجن 10 سنوات و15 سنة للمحاكمين غيابيا، وتعدت السلطات في التضييق على الناشطين وعائلاتهم، فتمنع زياراتهم وسحبت جنسيات 10 منهم.
الإصلاحيون يحققون مكاسب شعبية
وتحدث د. كورتني فرير، وهو باحث درس تاريخ جمعية الإصلاح الإماراتية، وأكد أن الإصلاحيين عانوا كثيرا في أعقاب العريضة، إذ ألقي القبض على العشرات منهم قبل أن يتم حظر الجمعية، رغم أنها أنشئت بموافقة السلطات. وأوضح "فرير" أن سبب نقمة السلطات على الإصلاحيين هو تحقيقهم مكاسب شعبية متزايدة على مستوى دول الخليج، ولكن تذمر السلطات دفعها للعمل ضد الإصلاحيين بصورة شاملة.
استجابة الدولة للعريضة كانت بوليسية
روري دوناجي، الصحفي في "ميدل إيست آي" والمدير السابق لمركز الإمارات لحقوق الإنسان، تحدث في الاجتماع أيضا، وهو صاحب معرفة وتجربة بمحاكمة ال"94" على خلفية العريضة. وقد شبه "دوناجي" استجابة دولة الإمارات للعريضة باستجالة دولة بوليسية، مشيرا إلى تشكيل جيش خاص من المرتزقة "لإخماد الاعتصامات السلمية و المدنية". وقال دوناجي إن الطبيعة القمعية لدولة الإمارات كانت في إطار رد فعلها على الربيع العربي. و وصف روري دوناجي دولة الإمارات بأنها دولة مراقبة، منوها إلى التناقض في سلوك الدولة مع الناشطين وما يعرف عنها من أنها "متسامحة".
دعوة لإدانة ممارسات الأمن
الدكتور أنس التكريتي، الرئيس التنفيذي ومؤسس مؤسسة قرطبة، سأل في الاجتماع، عما إذا كانت المملكة المتحدة جادة حقا حول دعم التقدم الديمقراطي في الشرق الأوسط، وانتقد فشل المملكة المتحدة لإدانة سلوك دولة الإماراتي رغم العلاقات الوثيقة بين لندن وأبوظبي. وطالب التكريتي إدانة ممارسات جهاز أمن دولة الإمارات التي وصفها بأنها "غير إنسانية ومثيرة للاشمئزاز".
تصميم الإصلاحيين
أحمد النعيمي، يعيش الآن في المنفى، بعد أن حكم عليه بالسجن غيابيا لمدة 15 عاما لقيامه بالتوقيع العريضة 2011 . كما حكم على شقيقه الأكبر خالد النعيمي بالسجن 10 سنوات، بعد أن تعرض للضرب بشدة وتعرض للتعذيب أثناء احتجازه في المعتقل بصورة تعذر معها التعرف عليه من جانب عائلته. كما اعتقل ابن أخت النعيمي بسبب كتابة تغريدات في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، في جو متوحش من التحكم في حرية التعبير التي يفتقر إليها الكثيرون في دولة الإمارات.
النعيمي أكد أن هناك كثيرين دفعوا ثمنا باهظا من أجل الحرية والديمقراطية، ولكن على الرغم من التكلفة، فإن النضال سيستمر في السعي لتحقيق الديمقراطية، لأن هدفهم هو السماح للمواطنين ليكونوا قادرين على العيش بحرية والسماح لهم التمتع حرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير.
وفي ختام الاجتماع، قال أحمد النعيمي: "إننا فخورون بحكومتنا في التنمية الاقتصادية ولكن من الناحية السياسية فهناك تهميش للإماراتيين وتغييب لهم من المشاركة".
رد فعل أبوظبي على العريضة لم يقتصر على الساحة الإماراتية وإنما وصلت عواقبها وتداعياتها إلى دول المنطقة. في السنوات الخمس الأخيرة ومنذ العريضة، مارست السلطات سياسات استبدادية بشكل متزايد، ومارست التعذيب والاختفاء القسري، وانعدمت حرية التعبير والعديد من الانتهاكات أصبحت ممارسات ثابتة في دولة الإمارات. لكن على الرغم من هذه الصعوبات، النعيمي والناشطون يتعهدون بمواصلة المعركة من أجل الديمقراطية ولن يهدأ لهم بالا حتى يأتي التغيير.