قررت لجنة حقوق الإنسان بالمجلس الوطني الاتحادي عدم مناقشة "سياسة الحكومة في شأن مكافحة العنف الأسري ضد النساء والأطفال"، بعد أن تبين لها أن هذا الموضوع "لا يمثل ظاهرة في المجتمع ولا يتماشى مع ما تقدمه الدولة من رعاية ودعم للمرأة في كافة المجالات وتبوئها مكانة رفيعة في المجتمع واعتلائها مناصب رفيعة في كافة المجالات"، على حد زعمها.
وزعمت ناعمة الشرهان عضو المجلس ومقررة اللجنة، أن هذه الظاهرة "في مستوياتها الطبيعية جداً، مقارنة بالعديد من الدول وبالتالي لا يمكن للمجلس أن يطرح أو يلقي الضوء على بعض الأمور غير المؤثرة أو المزعجة"، على حد قولها. فما مدى دقة هذه المزاعم التي تطابق رغبة جهات ومؤسسات أمنية وتنفيذية في الدولة لعدم فتح ملف الانتهاكات الواقعة على المرأة والطفل.
مغالطة التوصيف
يتعمد المجلس الوطني على إظهار أن الانتهاكات الحقوقية الواقعة على المرأة والأسرة إنما تتوقف على العنف الأسري، وهذا ليس صحيحا. فالعنف الأسري فضلا عن أنه ظاهرة مقلقة كما سيتضح بعد قليل، إلا أن المرأة تواجه جرائم حقوقية من جانب جهاز الأمن في الدولة ومؤسسات تنفيذية أخرى على سبيل العقوبة الجماعية لعائلات وأسر الناشطين والمثقفين.
كما أن مسألة العنف الأسري لا علاقة لها بتعيين أمرأة وزيرة أو رئيس مجلس أو شركة، ولا علاقة لها بعدم مناقشة حقوق المرأة، ولكن هناك تدليس في طرح الموضوع، على أن المرأة في الإمارات لا تعاني عنفا أسريا، وهذا يعني أن كل المجالات الأخرى "طيبة" أيضا، وفي ذلك استخفاف بعقول الإماراتيين بعد هضم حقوقهم.
وقبل مناقشة حقوق المرأة التي تجاهلها المجلس، نعرض ما ينفي مزاعمه بشأن "العنف الأسري" أيضا.
فصحيفة "الإمارات اليوم" قالت في تقرير لها في (31|3|2014) حرفيا، "أشارت إحصاءات نيابة الأسرة في أبوظبي إلى زيادة نسبة قضايا العنف الأسري، التي أحيلت إلى النيابة خلال العام الماضي، بنسبة تصل إلى نحو 24% مقارنة بالعام السابق عليه، إذ ارتفعت من 679 قضية خلال 2012 إلى 840 قضية في 2013. وكان عدد القضايا خلال عام 2011 نحو 473 قضية، مقابل 313 قضية في 2010، ما يشير إلى بداية ظهور آثار هذه الظاهرة بشكل ملموس في المجتمع"، انتهى الاقتباس.
الصحيفة المحلية الصادرة في دبي، انتقدت أيضا عدم وجود قانون لمنع انتشار ظاهرة العنف الأسري، ونقلت عن باحثين ومختصين مطالبتهم بوضع تشريع خاص بالعنف الأسري.
قانون وديمة
ومنذ عام 2012 ويتردد أن هناك قانونا لحقوق الطفل، اقترحه مجلس الوزراء ووصل المجلس الوطني عام 2013 ولا يزال قيد "التعطيل" لم يصدر حتى الآن. و"قد تم تسمية القانون المقترح "قانون وديمة" نسبة إلى الطفلة وديمة "8سنوات" التي قتلت على يد والدها الذي دفنها بعد ذلك في الصحراء في جريمة هزت مجتمع الإمارات"، والوصف للإعلام الإماراتي الرسمي.
المرأة الإماراتية وسيداو
في نوفمبر الماضي وجهت منظمة "سيداو" الخاصة بالدفاع عن حقوق المرأة في جنيف عدة تساؤلات لوفد الدولة المشارك في اجتماعات الدورة (62). وقالت صفوة عيسى مدير المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، المنظمة سألت وفد الإمارات، عن منع سفر زوجات معتقلي الرأي في الدولة. و تساءل بعض أعضاء اللجنة عن تحفظ الإمارات على مساواة المرأة في الشؤون المدنية، إضافة إلى أهليتها القانونية وخصت بالذكر حرية المرأة الإماراتية في التنقل وحقها في الحصول على جواز سفر وما إذا كانت هذه الحقوق مكفولة.
وكشفت "عيسى" أن إجابات وفد الإمارات كانت "مقتضبة"، وزعم "أنه لا وجود لقيود مفروضة على حرية تنقل المرأة في الإمارات ما عدا في حال وجود قرار قضائي. وهو الأمر الذي يخالف الواقع ومنظمات حقوقية كثيرة تؤكد أن الإمارات تواصل سياسة العقوية الجماعية ضد ذوي معتقلي الرأي.
وأكدت "عيسى"، "العديد من زوجات وبنات المحكومين في قضية الإمارات 94 تم منعهم من السفر وصادرت السلطات الإماراتية جوازات أطفالهم دون إذن قضائي".
وحظيت الدولة في ذلك الاجتماع، بعدة انتقادات دولية بشأن حقوق المرأة. فقد أعربت فنلندا عن قلقها إزاء تحفظات أبوظبي على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
وعقبت "عيسى" على مجمل ملف المرأة في الإمارات، "تعامل دولة الإمارات مع ملف المرأة يغلب عليه الإشهار والتسويق لصورة الدولة في المحافل الدولية دون أن توجد في الواقع مساواة تامة على مستوى الحقوق حتى بين المرأة الموالية للحكومة والمرأة المستقلة والاتفاقيات التي صادقت عليها بقيت كلها حبر على ورق".
وغني عن التذكير، أن الدولة شهدت خلال شهور قليلة اختطاف قسري لـ5 من النساء لا تزال اثنتان منهن قيد الاختطاف.