لا تزال فصول ومواقف حقوق الإنسان في الدولة متواصلة في عدد من المفارقات التي تكشف القائمين عليها دون مراعاة أن جميع الأوضاع الحقوقية في الدولة توثقها منظمات حقوقية محايدة ومستقلة وتكشف ما يمكن أن يخفيه تصريح مسؤول أو تقرير مؤسسة.
فقد علق أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، ورئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر على حملة أطلقتها اللجنة، قائلا، "هي انعكاس لالتزام دولة الإمارات للوقوف بحزم ضد الإساءة للبشر من خلال استغلالهم والمتاجرة بهم، منوهاً بأن الحملة مصممة للوصول إلى قطاع عريض من المقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومخاطبتهم بلغات متعددة، من خلال استخدام المطبوعات الإلكترونية والورقية والقنوات الإعلامية والاجتماعية".
ورغم أن حقوق الإنسان سلة واسعة وكبيرة، إلا أن الوزير قرقاش يختزلها بحقوق عمال أو الاتجار بالبشر أو بنفقة المطلقات، ورغم ذلك، فلا تزال منظمات حقوقية تنتقد أوضاع العمالة في الدولة وخاصة في مشاريع جزيرة السعديات التي سبق لمنظمة العفو الدولية و هيومن رايتس ووتش أكدت الظروف الصعبة التي يعمل فيها العمال. وكما أنه رغم ما قطعته الدولة من شوط في مكافحة الاتجار في البشر إلا أن هذه الجريمة لا تزال حاضرة في السجل الحقوقي للدولة، كما لا تزال تقارير الأمم المتحدة والخارجية الأمريكية تؤكد أن حقوق المرأة في الإمارات بحاجة لمزيد من التمكين ولا يمكن أن يكون مجلس التوزان بين الجنسين أو تسويق تولي سيدة إماراتية رئاسة المجلس الوطني الاتحادي بديلا عن حقوق المرأة كافة.
وترصد المنظمات الحقوقية المزيد من مظاهر الإساءة في المعاملة التي يتعرض لها الإماراتيون خاصة - وليس عموم البشر- بدءا من حجب معلومة موضوعية في الإعلام المحلي وحتى قضايا أمن الدولة الملفقة والتي يقضي فيها عشرات المثقفين والأكاديميين الإماراتيين عشرات السنين من حياة أمة مثقفة، ومصادرة حقوق الإماراتيين وحرياتهم في كل مناحي الحياة في الإمارات اليوم.
كما رصدت المنظمات الحقوقية عشرات من حالات التعذيب الذي يقع على الإماراتيين وغيرهم من معتقلي الرأي و هو مما حظرته الاتفاقية الدولية لحظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة المهينة. وتؤكد التقارير الدولية أن أكثر من 200 بلاغ تعذيب في الدولة وفق إحصائية 2014 فضلا عن بلاغات أخرى جديدة، ولكن الوزير قرقاش إما لا يعتبر التعذيب سوء معاملة أو أنه يستثني الإماراتيين من الحقوق الإنسانية أو ربما يرفض مساواتهم بالبشر، يتساءل ناشطون.
كما أكدت بلاغات أثارها المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان ومقره جنيف، ومنظمة العفو الدولية، أن معتقلين يوضوعون في سجن انفرادي لبضعة أيام كما وقع مع معظم معتقلي الرأي مثل خليفة النعيمي، أو يخضع معتقل رأي لعملية جراحية خطيرة ويعاد إلى السجن خلال 24 ساعة كما حدث مع إبراهيم الياسي، وعندما يضرب المعتقلون ويوجه لهم النيباليون الإهانات ويمنعونهم من الصلاة جماعة أو يمنعون عنهم الزيارة أو يسلطون الأضواء والأصوات المزعجة ضد معتقلي الرأي كما حدث مع محمد الركن، وعندما يختفي قسرا في الدولة خلال 4 شهور فقط أكثر من 6 حالات اختفاء قسري وفق المعلن فقط، بينهم ابنتا الشهيد محمد العبدولي، فأي شيء مما سبق ليس معاملة "مهينة" ومسيئة لكرامة السجان لا المسجون.