أثارت المقابلة التي أجرتها قناة «الجزيرة» الفضائية مع أمير جبهة النصرة في سوريا أبو محمد الجولاني جدلاً واسعاً على الانترنت، وهو الجدل الذي جدد الكثير من التساؤلات حول دور الجبهة في سوريا والسياسة التي يمكن أن تنتهجها في حال سيطرت على مناطق واسعة، كما هو الحال مع تنظيم «الدولة الإسلامية».
وتفاوتت مواقف النشطاء حول إجراء المقابلة ذاتها، حيث رحب عدد منهم بعرض وجهة نظر «النصرة» واعتبر أن المقابلة فرصة لمناقشة أفكار وسياسات التنظيم الذي يعلو صيته تدريجياً وبشكل متزايد داخل الأراضي السورية، فيما عارض آخرون فكرة منح مساحة زمنية أمام زعيم جبهة النصرة ليتحدث أمام الملايين من المشاهدين العرب.
وكتب الناشط والمنشد السوري المعروف يحيى حوا عبر حسابه على «تويتر» معارضاً المقابلة من أساسها وقائلاً: «على الجزيرة التي نحبها أن تخجل من نفسها أمام السوريين بعد استضافة الجولاني.. المقابلة كانت بلا طعم ولا لون ولا رائحة».
ووصف الناشط عبد الرحمن اللاحم هذه المقابلة بأنها «تلميع لجبهة النصرة الإرهابية في مقابلة مع الإرهابي ابو محمد الجولاني».
وخلافاً لمن عارض إجراء المقابلة مع الجولاني، كتب الصحافي والمحلل السياسي الفلسطيني المعروف ياسر الزعاترة على «تويتر»: «لقاء أحمد منصور مع الجولاني سبق صحافي مهم. السبق الأهم هو الحوار مع البغدادي. هل يمكن ذلك؟ لا أدري. لكنه سيكون مثيرا للاهتمام بكل تأكيد».
وأضاف الزعاترة: «لا جديد لافت في مقابلة الجولاني، لكن ظهوره في حد ذاته أمر جيد في هذا التوقيت. المهم هو أن البوصلة كانت وما تزال نصرة الشعب السوري ضد طاغية».
وأوردت العشرات من المواقع الاخبارية على الانترنت والصفحات والحسابات على شبكات التواصل الاجتماعي النص الكامل والحرفي لمقابلة الجولاني، كما انتشر فيديو المقابلة المحمل على «يوتيوب» كالنار في الهشيم، وحصد خلال اليوم الأول فقط من نشره أكثر من 35 ألف مشاهدة، في مؤشر على الاهتمام الكبير بالمقابلة.
جدل حول المضمون
ولم يكن الجدل الذي اشتعلت به شبكات التواصل الاجتماعي بعيداً عن مضمون المقابلة، حيث كتب أبو البراء الشامي، وفي حساب على «تويتر» محسوب على جبهة النصرة أو مقرب منها: «تميّز لقاء الشيخ أبو محمد الجولاني بمحاوره السياسية المهمة، بدءاً من البعد السياسي للانتصارات العسكرية لجيش الفتح والتركيز على السير في توجيهات أيمن الظواهري في التعامل مع الأقليات وتوصياته بطبيعة مهمة الجبهة، ألا وهي إسقاط النظام النصيري بكل رموزه وأركانه ومؤسساته والسعي مع الجماعات المجاهدة لإقامة حكومة عادلة مسلمة، مع إدانة أمريكا بسبب استهدافها للجبهة».
وقال إن «اللقاء يحتوي على كثير من الرسائل والتطمينات، ولعل الحلقة الثانية تكشف المزيد وتكتمل الصورة في التحديات التي نتعرض لها».
وكتبت رشا العلي: «هل تعلم أن الجولاني في مقابلته عالجزيرة حلل وناقش وهدد حزب الله ولكنه لم يأت على ذكر فلسطين أو إسرائيل؟».
وامتدح رئيس حزب الأمة الإسلامي في الكويت حاكم المطيري اللقاء، فقال إنه «كشف حقائق مهمة عن الثورة وعن مستقبل سوريا بعد سقوط بشار الأسد وقطع الطريق على أعداء جبهة النصرة ومن يصمونها بالإرهاب».
أما الأكاديمي محمد المختار الشنقيطي فعلق على عبارة الجولاني «أمريكا تساند النظام وتنافق في الإعلام» بأنها «توصيف دقيق للموقف الأمريكي من الثورة السورية».
وانتقد الشيخ موسى الغنامي مقولة الجولاني «من إنشق عن النظام وجاء إلينا نطلقه ولو قتل منا ألفا» حيث قال: «طيب القائد الخولي جاء إليكم في صلح فاعتقلتموه وعذبتموه» في إشارة إلى المشرف العام لحركة حزم أبو عبد الله الخولي الذي يقال إن جبهة النصرة اعتقلته.
الوسم يتصدر
وتصدر الوسم (الهاشتاغ) «#الجولاني_على_الجزيرة» الصدارة على شبكة التواصل الاجتماعي (تويتر) في العديد من الدول العربية، بما فيها السعودية، حيث أشعلت جدلاً واسعاً واجتذبت اهتمام المغردين.
واحتل الـ»هاشتاغ» مساحة في عشرات آلاف التغريدات طوال الأيام الثلاثة التي تلت المقابلة، وتحول إلى حديث السوريين والنشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي، فيما تداولت المقابلة العديد من وسائل الإعلام والمواقع على الانترنت.
وتساءل الكثيرون عن سبب عدم ظهور وجه الجولاني في المقابلة، معتبرين أن صور الرجل منتشرة على الانترنت، إلا أن الكثيرين ردوا على ذلك بالقول إنه لا يوجد ما يؤكد بأن الصور المنتشرة تعود حقاً للجولاني، إذ ربما هي كانت لشخص آخر، أو ربما صور محتملة وتريد أجهزة الأمن السورية والدولية أن تحصل على تأكيد بأنها تعود للجولاني.
والتقطت واحدة من الناشطات على «تويتر» ملاحظة أخرى تتعلق بالمقابلة، وهي أن الإعلامي أحمد منصور كان حافي القدمين غير مرتد للحذاء، وهو ما دفع إلى الاعتقاد بأن المقابلة ربما تكون أجريت في أحد المساجد.