قال راديو "صوت أمريكا"، الإذاعة الرسمية لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية، إن الإنفاق العسكري للولايات المتحدة قد هبط إلى ما نسبته 38% من جملة الإنفاق الدفاعي العالمي، بحسب تقييم أجراه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
وذكر المعهد البحثي المعني بالشئون البحثية، الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له، أن هذا التحول يجيء في الوقت الذي يشهد فيه الإنفاق العسكري للبلدان الواقعة في الشرق الأوسط وآسيا صعودا دراماتيكيا.
وأوضح المعهد في تقرير له أن الإنفاق الدفاعي الأسمى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد ارتفع بنسبة الثلثين تقريبا منذ العام 2010، في حين قفز نفس الإنفاق في آسيا بأكثر من الربع منذ الفترة ذاتها.
ونسب التقرير لـ بين باري، المحلل وكبير الزملاء في مجال الحروب البرية بـ المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن: "زيادة الإنفاق العسكري في الشرق الأوسط يُعزى في جزء منه إلى الربيع العربي، في حين يُعزى في جزء أخر إلى التوترات والصراعات الاستراتيجية هناك، على سبيل المثال بين دول الخليج وإيران."
وتابع باري: "وفي آسيا، لديك دول تنعم بمستوى رفاهية متنام من حيث تحديث قواتها المسلحة".
وأردف التقرير بأن الولايات المتحدة الأمريكية، وإلى حد ما بعض الأقطار الغربية الأخرى، لا تزال تمتلك قدرات عسكرية هائلة ومسيطرة، لكنه أشار أيضا إلى أن الغرب يقف على شفاف فقدان تقنياته العسكرية المتقدمة.
وفي أوروبا، وفقا للتقرير، زادت معدلات الإنفاق الدفاعي في العام 2014 بصورة تراكمية بأعلى من 7% عن مثيلتها في العام 2010.
واستطرد باري بقوله: "في الوقت الذي تتجه فيه القوى الجيواقتصادية شرقا، بعيدا عن أوروبا وباتجاه الشرق الأوسط ومنطقة أسيا المحيط الهادي، ينطبق نفس الحال أيضا على القوة العسكرية. ولاسيما مع صعود نجم الصين التي زادت موازنتها الدفاعية بصورة كبيرة، كما تزيد أيضا من إنتاج الآليات المدرعة والسفن والطائرات".
من جهته، قال جون شيبمون مدير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية والذي قدم التقرير في لندن، إن واحدا من بواعث القلق العسكري الرئيسية في العام 2014 قد تمثل في تجدد الصراع في أوروبا.
ونوه شيبمون بأن تلاحق وتيرة الأحداث في أوكرانيا قد أسهمت بالطبع في هدم "جسور الثقة" بين القوى الغربية من ناحية وبين روسيا من ناحية أخرى.
وتابع: "خلال تلك الأزمة، أظهرت روسيا عزمها على استخدام القوة وتأييد استخدام القوة من جانب الآخرين في أوكرانيا. وفي المجمل، تواجه أوروبا روسيا أكثر عدائية وهي تبدو عازمة على اختبار عزيمة الغرب".
وكان تقرير المعهد قد أظهر أن الإنفاق الدفاعي لـ موسكو قد زاد بنسبة 10% في المتوسط في السنوات الـ 3 الممتدة إلى العام 2014.
ولفت إلى أن روسيا قد استخدمت مجموعة واسعة من الطرق العسكرية التقليدية وغير التقليدية في أوكرانيا، ما أعطى الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) " وقفة للتفكير ودراسة الأمر."
وكان المعهد قد ذكر في تقرير منفصل صدر مؤخرا أن الإنفاق العسكري العالمي قد يتراجع مجددا في العام الجاري في أعقاب زيادته في العام 2014، في الوقت الذي تسهم فيه توقعات النمو العالمي المنخفضة وكذا الهبوط الحاد في أسعار النفط في تحفيز الدول على تقليص موازناتها الدفاعية، وفقا لما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
وقال المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية والذي يتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقرا له في أحدث تقاريره إن الإنفاق الدفاعي العالمي قفز بنسبة 1.7% في العام الماضي في أعقاب ثلاث سنوات من التراجع.
وأضاف التقرير أن الأموال الإضافية التي أنفقتها بلدان مثل روسيا والصين والمملكة العربية السعودية قد ساعدت على تعويض الانخفاضات في مناطق أخرى من العالم، بحسب جيري راجيندران، الخبير المتخصص في الاقتصاد العسكري في المعهد.
وأوضح راجيندران أن روسيا ربما تكافح، بالرغم من ذلك، من أجل الاستمرار في معدلات إنفاقها السخية في السنوات الأخيرة، في الوقت الذي تتواصل فيه الضغوط على موسكو جراء العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب الأزمة الأوكرانية والانخفاض الدراماتيكي في سعر الروبل وكذا هبوط أسعار النفط العالمية.
وأفاد راجيندران بأنه وعلى الرغم من أن الحكومة الروسية قد أبدت إلتزاما بحماية الانفاق الدفاعي من ضغوط الموازنة الكبيرة، فإن الحاجة لرأب الصدع في القطاع المصرفي الهش من الممكن أن يحول دون الوفاء بهذا الالتزام.
وأشار راجيندران إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف إعلاميا بـ " داعش"، وعلى الرغم من أن معدلات إنفاقه لا ترتبط بالتغيرات العالمية إلى حد كبير، قد يضطر حتى إلى خفض معدلات شراء الأسلحة التي يستعين بها في بسط سيطرته على المناطق التي يستحوذ عليها في كلتا الدولتين.
ويتوقع تقرير المعهد البريطاني أن إنخفاض الإنفاق على التسليح يرتبط بأسواق رئيسية مثل روسيا التي، كما هو الحال بالنسبة للصين، لا تلجأ في تسليحها إلى مصنعي الأسلحة الغربيين. وبدلا من ذلك، تشهد أرباح شركات الأسلحة تحسنا ملحوظا وسط مؤشرات على ارتفاع الموازنات في بعض البلدان الغربية.