أثارت مبادرة توزيع سلال غذائية على المعلمين اليمنيين في محافظة تعز جنوب غربي اليمن، برعاية عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني وقائد ما يُعرف بـ"المقاومة الوطنية" المدعومة من أبوظبي طارق صالح، موجة غضب واسعة، خاصة بعد رفع صوره وصور صاحب السمو السيخ محمد بن زايد رئيس الدولة، وذلك خلال عملية التوزيع.
واعتبر ناشطون ومتابعون يمنيون أن هذه الخطوة "استخفافًا بكرامة المعلمين اليمنيين" وتحويل قضيتهم العادلة إلى منصة للدعاية السياسية، في وقت يطالبون فيه بصرف رواتبهم المتأخرة ورفع أجورهم بما يتناسب مع الانهيار الاقتصادي الحاد لاسيما في المناطق الخاضعة لحكومة اليمن المعترف بها دوليا والمدعومة من الرياض وأبوظبي.
ومنذ أشهر، تشهد تعز ومدن يمنية أخرى، إضرابًا تربويًا شاملًا، مع استمرار المعلمين في تنظيم مسيرات أسبوعية للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية، وتسليم رواتبهم المتوقفة، وسط تجاهل رسمي من قبل المجلس الرئاسي اليمني والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
وجاءت مبادرة طارق صالح، التي رُفعت خلالها صورة سمو رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد، لتُفاقم السخط الشعبي اليمني، حيث رأى مراقبون يمنيون أنها محاولة لاستغلال معاناة المعلمين لتحسين صورة جهات سياسية، بدلًا من تقديم حلول جذرية لأزمة الرواتب.
الجدير بالذكر، أن طارق صالح عضو الرئاسي اليمني، يقود قوة عسكرية لا تخضع لسلطة الحكومة اليمنية أو وزارة الدفاع اليمنية، وهي قوة أنشأتها ودربتها أبوظبي على الساحل الغربي لليمن، وقد تم تسليحها وتدريبها ويجري تمويلها بإستمرار من ميزانية أبوظبي، وتتخذ هذه القوة من مدينة المخا غربي اليمن مقرا عمليا لها.
في السياق، قال الناشط اليمني، عبدالله الخليدي: " رسالة إلى فريق طارق صالح في تعز.. نصيحة من القلب: لا تستفزوا أبناء تعز بكثرة الصور والاستعراض الإعلامي".
وأضاف معلقا على الحدث: "مؤسسات خيرية كويتية قدّمت لتعز أكثر مما قدمتم، ولم نرها يومًا تستعرض كما تفعلون أنتم اليوم".
وتابع: "تعز لا تحتاج لمن يمنّ عليها، بل لمن يقف معها بصدق وبدون كاميرات".
بدوره، وجّه الناشط التربوي اليمني رائد التميمي رسالة مباشرة لطارق صالح: "المعلم لا يحتاج صدقات، بل حقوقًا تُصرف بكرامة. واجبكم هو تكريمه بتوفير راتب عادل، لا تحويله إلى متسول يحمل صور المسؤولين مقابل سلة غذائية!"
وسخر ناشطون يمنيون من تحويل المسؤولين في السلطة الشرعية اليمنية، إلى "فاعلي خير" بينما يتقاعسون عن أدوارهم الأساسية.
ووصف الكاتب والصحفي محمد الخامري مبادرة طارق صالح، بـ"الإهانة المُتعمدة"، قائلًا: "المعلم يُجبر على رفع صور سياسيين مقابل سلة لا تكفي أسبوعًا.. اليمنيون ليسوا عبيد إعاشة!"
كما اعتبر ناشطون أن الحملة محاولة لتحسين صورة طارق صالح والإمارات. وكتب منير المحجري: "لا يمكن غسل الماضي الأسود بسلال غذائية.. أبناء تعز يعرفون تاريخ من دمّروا مدينتهم!"
بينما أشار محمد اليوسفي إلى المفارقة: "الكويت قدمت مليارات دون فرض صور مسؤوليها، بينما الإمارات تطلب رفع صورتها مقابل نصف كيس دقيق!"
وفي منشور لاذع، كتب الناشط نشوان الحبشي: "واحد من مشاهد الإهانة والإذلال.. أي وقاحة تجعل مسؤولًا في أعلى هرم الدولة يتحول إلى فاعل خير يتفضل على المعلم بسلة غذائية؟! لا لشيء إلا ليُرى صورته وصورة ولي نعمته تُرفعان فوق حاجات المحتاجين".
ويواجه معلمو اليمن واقعا بالغ التعقيد في وقت تعرض فيه القطاع التعليمي بالبلاد لدمار هائل في مختلف النواحي.
وقج أثر الصراع بين الحكومة اليمنية والحوثيين على قطاع التعليم بشكل كبير، حيث انقطعت رواتب المعلمين في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة منذ عام 2016 نتيجة نقل البنك المركزي إلى مدينة عدن جنوبي البلاد، بينما يتواصل تسليم رواتب زهيدة للمعلمين في المحافظات الواقعة تحت سلطة الحكومة.
وحسب تقرير سابق، صادر عن البنك الدولي فإن "هناك أكثر من 2.4 مليون فتى وفتاة في اليمن في سن الدراسة لكنهم غير ملتحقين بالمدارس، كما يحتاج نحو 8.5 ملايين طفل في سن الدراسة الابتدائية إلى مساعدات إنسانية".