غادر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب سجن فولتون في ولاية جورجيا بعد احتجازه لفترة وجيزة بتهمتَي الابتزاز والتآمر إثر تسليم نفسه ودفع كفالة مالية بناء على اتفاق مع المدعي العام بالولاية، وندد فور الإفراج عنه بما سماها "المهزلة القضائيّة" واصفا ما حدث بأنه "تدخّل انتخابي".

وأطلق سراح الرئيس السابق بكفالة مالية قدرها 200 ألف دولار بعد أخذ بصماته والتقاط صور جنائية له.

وذكرت شبكة "سي إن إن" الأميركية أن تحديد يوم التسليم تم خلال مفاوضات بين محامي ترامب ومكتب المدعية العامة لمقاطعة فولتون يوم الاثنين الماضي، وتضمن الاتفاق المكتوب بين الجانبين التزامات على الرئيس السابق وشروط الإفراج عنه.

وبحسب الاتفاق سيتحتم على ترامب سداد 200 ألف دولار أو مصادرة المبلغ من أمواله في حالة عدم التزامه ببنود الاتفاق، كما سيواجه بموجب الاتفاق أوامر بعدم توجيه رسائل تهديد عبر وسائل التواصل الاجتماعي بينما ينتظر المحاكمة في جورجيا.

ويأتي هذا الإجراء تمهيدا لمحاكمته بتهمة محاولة التلاعب بنتيجة الانتخابات الرئاسية عام 2020، وهي المحاكمة الجنائية الرابعة التي يلاحق فيها ترامب بينما يسعى للترشح للانتخابات الرئاسية القادمة والعودة إلى البيت الأبيض.

ترامب يندد

وكان القضاء في جورجيا قد وجه في لائحة اتهام من 98 صفحة للرئيس السابق و18 شخصا آخر تهمة "الابتزاز" وارتكاب عدد من الجرائم سعيا لقلب نتيجة الانتخابات الرئاسية عام 2020، في هذه الولاية الرئاسية التي فاز بها الديمقراطي جو بايدن.

وبعد مغادرته للسجن، قال الرئيس السابق "ما حدث هنا مهزلة قضائيّة. لم نرتكب أيّ خطأ. لم أرتكب أي خطأ". وأضاف "ما يفعلونه تدخّل في الانتخابات".

وكان ترامب قد كتب في منشور على منصته للتواصل "تروث" قبل تسليم نفسه "إنه يوم حزين آخر في أميركا" مضيفا "إنني أحاكم لأنّني تحلّيت بالشجاعة للتشكيك بانتخابات مزورة ومسروقة".

وشُددت الإجراءات الأمنية قبل وصول ترامب إلى سجن مقاطعة فولتون، وهو معروف بأنه غير آمن ويفتقر لشروط النظافة وموبوء بالحشرات، ويشمله تحقيق تجريه وزارة العدل بعد وفاة عدد من السجناء فيه.

وفي تصريحات سابقة له، أكد ترامب أن التهم الموجهة إليه في 4 قضايا "تافهة ولا معنى لها ومفتعلة" واتهم الرئيس بايدن بتسخير قدرات وزارة العدل لعرقلة محاولته الوصول إلى البيت الأبيض.

وسبق لـ 10 من المتهمين في القضية أن سلموا أنفسهم بذات السجن، وقد أطلق سراح جميعهم بكفالة، وآخرهم كبير الموظفين السابق بالبيت الأبيض مارك ميدوز الذي دفع كفالة بقيمة 100 ألف دولار وخرج.

وهناك متّهم وحيد بهذه القضية أُبقي خلف القضبان بعد أن سلم نفسه هو هاريسون فلويد، وقد احتجز لأنه لم يبرم مع القضاء بصورة مسبقة اتفاقا لدفع كفالة مقابل إطلاق سراحه.

ووجد المتهمون الذين سلموا أنفسهم في هذا السجن صورهم الجنائية التي التقطت لهم داخله تتصدر عناوين الأخبار.

ولم يضطر ترامب لتحمّل "إهانة" التقاط صورة جنائية له المرات الثلاث التي أوقف فيها هذا العام وهي: في نيويورك بتهم دفع أموال لإسكات ممثلة إباحية، وفي فلوريدا لإساءة التعامل مع وثائق حكومية بالغة السرية، وفي واشنطن بتهم التآمر لقلب خسارته بانتخابات 2020.

غير أنّ المسؤول الأمني في مقاطعة فولتون قال للصحافيين -في وقت سابق هذا الشهر- إنه عندما يتعلق الأمر بالتوقيف في هذا السجن "مهما كان وضعكم سنكون على استعداد لالتقاط صوركم".

قضايا متعددة

ومن المقرر أن يعود المتهمون بهذه القضية إلى جورجيا، الشهر القادم، للمثول هذه المرة أمام المحكمة لإبلاغها ما إذا كانوا سيدفعون ببراءتهم من التهم الموجّهة إليهم أم لا.

ويواجه ترامب 4 محاكمات جنائية العام المقبل خلال موسم الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري الذي يبدأ في يناير القادم، وفي ذروة الحملة الرئاسية في نوفمبر 2024.

وكان المدعي العام الخاص جاك سميث قد اقترح بدء محاكمة ترامب في يناير بتهم التآمر لقلب نتائج انتخابات 2020 وبحملة من الأكاذيب كانت وراء الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 من يناير 2021 الذي نفّذه "الترامبيون" المؤيدون لترامب.

بينما طالب محامو الرئيس السابق بأن تبدأ محاكمته في أبريل 2026، وهو موعد بعيد نسبيا من الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل.

وفي ولاية جورجيا، من المقر أن تصدر القاضية تانيا تشوتكان في 28 أغسطس الجاري قرارها بشأن موعد بدء المحاكمة.

وقد طالبت المدّعية العامة للولاية بأن يكون 3 مارس المقبل موعدا لبدء محاكمة ترامب، وهو نفس الشهر الذي من المقرر أن يمثل فيه الرئيس السابق لمحاكمته في نيويورك بالتهم الجنائية الموجهة إليه في قضية تزوير وثائق على صلة بدفع مبلغ للممثلة الإباحية ستورمي دانيالز مقابل التستّر على علاقة يعتقد أنها كانت قائمة بينهما.

إضافة إلى أنه من المقرر أن يمثل أيضا في مايو 2024 أمام هيئة محلفين في فلوريدا، في قضية يتهم فيها بانتهاك قانون مكافحة التجسس.